فضيحة بنك دانسكي Danske Bank
أحمل في حقيبة أوراقى اليوم عزيزى المشاهد ، أرقاما مُذهلة شاركت في أكبر فضيحة غسيل أموال في العالم ، جريمة غسيل أموال ومن ثم تحويلها بطرقا غير مشروعة ، الى وجهات ومستفيدين لا تزال هويتهم مجهولة ، ولا يشارك في الفضيحة فردا يمكننى أن أُسلط عليه الضوء ، بل كيان كبير ومصرف ذا اسم مرموق ، أموالا ضخمة تم غسلها لاخفاء مصدرها ، وكذلك تم طمس وجهتها الأخيرة ، تلك الجريمة التى تحوى مبالغ بامكانها أن تُقيكم اقتصاد دولة ككل ، وصلب أعمدته.
وتشير تلك الفضيحة الى بنك دانسكى ، والذي سميت تلك القضية بل الفضيحة بنفس الاسم ، والذي يعتبر واحدا من أكبر المصارف في الدنمارك ، واالذي تورط في عقد صفقات مشبوهة ، والقيام بعمليات غسيل أموال ملوثة لعصابات تجار المخدرات ، وكذلك قبولة كيانات وهمية لاستلام وتحويل تلك الاموال ، وهي في الواقع لا وجود لها ، وتورط البنك ومسؤولية بالتعاون مع كيانات أخرى ، فلقد امتد نطاق الفضيحة وتوسع حتى شمل الكرملين وورد ذكر اسم فلاديمير بوتين رئيس روسيا في القضية ، فما الذي تحمله تلك القضية ، وكيف تم تحويل تلك الأموال الضخمة من دون علم البنك المركزى ؟
وما هى فضيحة بنك دانسكى ، وما هى أبعادها ؟
تعتبر قضية بنك دانسكى أكبر فضيحة غسيل أموال في العالم ، وفر أواخر عام 2015 ، لم تكن تلك القضية قد انكشفت بعد ، لكن ادارة دانسكى بنك كانت تحاول بهدوء اغلاق الفرع المتورط في الفضيحة ، كما انه كان هناك مجموعة كيانات روسية ، وغيرها من دول الاتحاد السوفيتى تقوم بنقل ما يبلغ مجموعة 200 مليار يورو ، وذلك عن طريق فرع إستونيا التابع لأكبر مصرف في الدنمارك وذلك منذ عام 2007 ، وذلك ما يعادل نحو عشرة أضعاف حجم اقتصاد تلك الدولة الواقعة على بحر البلطيق.
كما كان “دويتشه بنك” يساعد في تسهيل معاملات الكثير من المدفوعات التي تنتقل عبر الحدود لمصلحة “دانسكي بنك” ، وعندما بدأت رائحة الفساد تفوح ، أخبر التنفيذيون في “دويتشه بنك” لمسؤولى ادارة “دانسكي بنك” أن المشكلة آخذة في التفاقم.
وعلى الرغم من أنهم قاموا بتخفيض المدفوعات من إستونيا في السنتين السابقتين لكشف الفساد ، في محاولة لرفع أعين الرقابة عن تحركاتهم ، الا ان البنك الألمانى لاحظ زيادة في نسبة الحالات المريبة والتى كان يتعين عليه التحقيق فيها ، والتى كانت آتيه من الفرع الصغير .
ولقد كشفت محاضر الاجتماع الذي انعقد بين كبار المديرين والمسؤولين من المصرفين ، عن أنه كان هناك نحو 16 حالة مرتبطة بجرائم مختلفة مثل المخدرات وسرقة الهويات وغير ذلك من الجرائم.
وبعد ذلك تمكن بنك دويتشه من تحديد عشرة من عملاء “دانسكي بنك” ممن كانوا متورطين في “سلوك مشبوه” ، والذي كان نتيجته ان قام مديرين بنك دانسكى ، بتقديم شكوى في رسالة بريد إلكتروني داخلية ، تتضمن أن “دويتشه بنك” ليس مسموحا له من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية وإدارة إنفاذ قوانين المخدرات الأمريكية ، إعلامنا بالقضايا التي لها علاقة مباشرة بقضايا جنائية قيد التحقيق”.
فمن هنا انهى المصرف الالمانى دويتشه بنك علاقته التي تتعلق بتسيير تعاملات الدولار لمصلحة “دانسكي بنك” من فرعه في إستونيا.
ولم ينجُ أحد من تلكم الفضيحة ، لا من المسؤولين التنفيذيين في “دانسكي بنك” ولا من مجلس إدارة المصرف ولا الجهات المنظمة ، فقد كلفت الرئيس التنفيذي ثوماس بورجين وظيفته ، واستثارت تحقيقات ضمن ما لا يقل عن ستة بلدان.
وعلى الرغم من أن البنك نفسه أصدر تقريرا حول الفضيحة ، الا انه لا تزال هناك أموراً كثيرة في تلك القضية ، بداية من مصدر الأموال وصولا إلى المكان الذي انتهت فيه ، والضرر النهائي الذي سيتسبب فيه ذلك بالنسبة لـ”دانسكي بنك” وحتى الدنمارك نفسها.
كما قام جراهام بارو الخبير في قضايا غسل الأموال في المملكة المتحدة بمراجعة آلاف المعاملات المالية الواردة من “دانسكي بنك” وغيره ، وبيقول في ذلك أن القضية تشمل مبلغ 200 مليار يورو ، والذي يعتبر أكبر وأعلى مكانة شهدتها هذا النوع من الجرائم ، فهو يشكل معيارا غير مرحب به لفضائح غسيل الأموال.
كيف بدأت القضية في الانكشاف ؟
بدأت القضية في الانكشاف وفضايح “دانسكي بنك” تظهر ، خاصه بعد ان قام بشراء مصرف “سامبو بنك” في عام 2007 ، وهو مصرف فنلندي ، وكان الفرع الإستوني يشكل ما نسبته 0.5 في المائة من الأصول في أكبر مصرف في الدنمارك ، الذي تعرض بعد ذلك لأضرار كبيرة بسبب الأزمة المالية العالمية.
ولقد كانت ادارة المصرف في كوبنهاجن قد تلقت تحذيرات ، والتى بدروها ساعدت في اطلاع الجهات المنظمة في إستونيا وحتى البنك المركزي الروسي “دانسكي بنك” على ما كان يجري.
ودفع ذلك البنك المركزى الروسي الى القول بأن عملاء بنك سامبو يقومون دائما بالمشاركة في تعاملات مالية ذات أصول مشكوك فيها ، كما أشارر الى الاموال التى تدخل في حيز الفضيحة قائلا ، بأن هناك مليارات من الروبل المتورطة شهريا ، وفقا لتقرير “دانسكي بنك” عن الفضيحة.
وتم تكليف بورجين رئيس الأعمال المصرفية الدولية ، بإدارة العمليات التشغيلية في إستونيا من عام 2009 إلى عام 2012 ، حول التوسع البطيء للأعمال لغير المقيمين وأخبر التنفيذيين الآخرين بأنه لم “يواجه أي أمر من شأنه إثارة القلق” ، وفقا لتقرير المصرف حول الفضيحة. وقد شهد ذلك التوسع إضافة نحو 6500 عميل غير مقيم من قبل “دانسكي بنك” إلى نحو 3300 من العملاء ، الموروثون من “سامبو بنك” في عام 2007.
لكن كان العام 2013 هو العام الحاسم ، فقد جاء برقم قياسي يصل إلى نحو 32 مليار يورو يتدفق في المحفظة الاستثمارية لغير المقيمين في إستونيا ، كما ان بنك جيه بي مورجان ، الذي كان يسير تعاملات الدولار لمصلحة “دانسكي بانك” في إستونيا ، جنبا إلى جنب مع “دويتشه بنك” ، انسحب بسبب مخاوف تتعلق بالعملاء غير المقيمين ، وكان من المفترض ان يكون انسحاب مصرف كبير كهذا من التعامل مع دانسكي بنك بسبب وجود عملاء مشتبه بهم أن يكون بمثابة اشارة تحذيرية لهم .
وفي الاجتماع الذي عقد البنك بعد ذلك ، اقش مجلس إدارة “دانسكي بنك” القرار المتخذ من قبل بنك جيه بي مورجان والأعمال الخاصة بغير المقيمين ، ولارس مورتش ، الذي كان قد حل مكان بورجين كرئيس للأعمال الدولية ، قال إن المحفظة الاستثمارية لغير المقيمين لدى “دانسكي بنك” هي أكبر من المحافظ الاستثمارية لدى المصارف المنافسة ، وأنها بحاجة إلى المراجعة وربما التخفيض.
وأكد بورجين الذي كان يشغل آنذاك منصب الرئيس التنفيذي الحاجة إلى التوصل إلى حل وسط وأراد مناقشة هذا الموضوع بشكل أكبر ، لكن خارج إطار هذا المنتدى ، بحسب ما تذكر محاضر الاجتماع.
وجاء تقرير دانسكي بنك مشيرا الى أن توماس بورجين لم يذكر ذلك الحل الوسط الذي كان يشير اليه ، كما أنه لم يشير ال أن شخصا على علاقة بالتحقيق ووصف ذلك بأنه لحظة حاسمة ، فكانت هذه هي المرحلة التي تم عندها اتخاذ القرار المتمثل في عدم وقف هذه الأعمال.
وفى عام 2013 جاءت تلك الرسائل الداخلية من خلال البريد الالكترونى بقلب الموازين وتغيير كل شيء ، وجاءت تحت عنوان الكشف عن المخالفات والتعامل عن علم مع المجرمين في فرع إستونيا ، وكانت تلك الرئاسل قد كُتبت من قبل هوارد ويلكينسون ، رئيس قسم الأسواق في إستونيا.
ولقد كان المحتوى الذي تشتمل عليه تلك الرسائل صاعقا ، حيث ذكرت تفاصيل حول “فشل شبه تام في العمليات المصرفية السليمة” ، وكذلك أشارت إلى شراكة ذات مسؤولية محدودة مع المملكة المتحدة تدعى “لانتانا للتجارة” التي كانت قد فتحت حسابا لها في “دانسكي بنك” في إستونيا في وقت سابق .
وفي وقت لاحق جاءت من بين المعلومات التى كان يتم الادلاء بها لويلنكسون إن المصرف لم يكن يعلم من هم المالكون المستفيدون ، لكن كان من الواضح أنه اكتشف أنهم يشتملون على عائلة فلاديمير بوتين ، الرئيس الروسي ، وجهاز المخابرات في روسيا ، وفقا لرسالة البريد الإلكترونى ، وهو ما تم رفضه من قبل الكرملين ، وقال أنه لا علاقة للرئيس بوتين بهذا المصرف.
وتم إرسال فريق المراجعة الداخلية في “دانسكي بنك” للتحقيق في فرع المصرف في إستونيا في عام 2014 ، ومع ذلك ، اشتكى ويلكنسون في رسالة بريد إلكتروني أخرى أرسلت بعد ذلك ، من أنه وعلى الرغم من تحذيراته لم يتم إغلاق أي حساب لعملاء ذوي صلة من قبل الإدارة ، كما يبدو أنه ليست هنالك أية محاولة من قبل الإدارة لتحديد النطاق الكامل للمشكلة التي تتمثل في قيام شراكات ذات مسؤولية محدودة في المملكة المتحدة بتقديم حسابات مزيفة.
وذكر ويلكنسون في ذلك أن أحد كبار التنفيذيين أخبره أن مصرف دانسكي بنك ليس الشرطة ، وأن دانسكي بنك ليس ملتزما بالإبلاغ عن حسابات العملاء المزيفة للسلطات.
وفي هذا اليوم استقال ويلكنسون من منصبه وأرسل رسالة بريد إلكتروني إلى كوبنهاجن ، موقعة بالعبارة التالية: “من المحزن القول إن الأمر يبدو لي كما لو أن الأمور قد انهارت تماما هنا”.
وتمت مناقضة رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها ويلكنسون وتقرير مهم ورد من الجهات المنظمة في إستونيا من قبل إدارة “دانسكي بنك” ومجلس الإدارة خلال عام 2014 ، ومع نهاية العام أنهى المصرف علاقاته بنحو ربع العملاء غير المقيمين ، ومع حلول أواخر عام 2015 ، تم إغلاق وحدة غير المقيمين في إستونيا.
وفي عام 2017 عندما قامت الصحيفة الدنماركية “بيرلينجسكي” بنشر سلسلة من المقالات ، بدأ يظهر حجم ونطاق المشاكل في “دانسكي بنك” ، فاضطر المصرف الى البدء بتحقيق خاص ، بعد توظيف “برون آند هييجلي” ، وهي شركة قانونية كانت قد عملت لدى المصرف من قبل ، لإعداد التقرير الذي تم نشره فيما بعد .
وقام هذا التقرير بنشر خطا زمنيا لتسلسل الأحداث ، إلا أنه وبالرغم من ذلك أبقى عددا من الأسئلة المهمة دون جواب ، ولا يزال من غير المعلوم المكان الذي جاء منه جزء كبير من هذا المبلغ الذي وصل إلى 200 مليار يورو.
وذكر التقرير ثلاث فضائح تورط فيها المصرف وهى المغاسل في روسيا وأذربيجان ، والحيل التي وجهت مليارات الدولارات خارج هذين البلدين ، وكذلك عملية الاحتيال الروسية المزعومة بقيمة 230 مليون دولار ، التي كشفها المحامي سيرجي ماجنيتسكي قبل وفاته في زنزانته في السجن عام 2009.
والامر الذي لا يزال محاطا بالغموض والتساؤلات هو الوجهة التي تذهب إليها الأموال بعد مغادرة “دانسكي بنك” ، وقال أوليفر بالو في ذلك من مقره في لندن ، في كتابه الصادر بعنوان أرض المال .. كيف استغل أفراد الطبقات الحاكمة الفاسدون الأنظمة القانونية والمالية الغربية ، “يغلب على الروس الاستثمار استراتيجيا مرة أخرى في روسيا ، وإنفاق أموالهم في الخارج ، على البيوت واليخوت ، والكثير منها سيتم إنفاقه في أماكن واضحة مثل نيويورك وموناكو ، كما أن المملكة المتحدة ستكون على رأس القائمة”.
ولقد كانت ثانى أكبر نسبة من العملاء من حيث العامل الجغرافي لغير المقيمين في فرع إستونيا ، هي الكيانات في المملكة المتحدة ، إلى حد كبير شركات محدودة المسؤولية مثل شراكة لانتانا التي أشار إليها المبلغون، أو أدوات شبيهة بها مثل الشراكات الاسكتلندية المحدودة.
وكان يتم تسجيل تلك الشركات الصغيرة في المملكة المتحدة مع شريك معروف ، لكن هذه الشركات بدورها يمكن أن تكون شركات وهمية غير معروفة في ملاذات ضريبية سرية ، وحيث يتستر أصحابها المستفيدون في نهاية المطاف وراء طبقات من هويات الشركات.
وبدأت الوكالة الوطنية للجريمة في المملكة المتحدة بدورها في إجراء تحقيق في واحدة من مثل هذه الشراكات محدودة المسؤولية المالية ذات الصلة بـ“دانسكي بنك” ، ولا يمكن تصور مدى السهولة التي يمكن من خلالها تأسيس هذه الشراكات محدودة المسؤولية في المملكة المتحدة أو الشراكات الاسكتلندية المحدودة – حيث تصل التكلفة إلى أقل من 50 دورلار من خلال وكيل تأسيس رسمي – يعزز شعار الحكومة بأن المملكة المتحدة هي المكان الذي يسهل فيه تنفيذ الأعمال.
والتى يتم من خلالها استقطاب العاملين في غسيل الأموال والجريمة المنظمة ، وهذا هو الامر الذي اضطرت الحكومة إلى الإقرار به.
كما ان هناك العديد من التساؤلات التى تدار حول الأدوار التي يضطلع بها كثير من المتورطين في هذه الفضيحة ، وترغب شركة هيرميس إي أو إس في أن يقوم مجلس إدارة “دانسكي بنك” بالكشف ما إذا كان ينبغي مقاضاة أي من كبار المديرين.
وجاءت شركة برون آند هييجلي بتقرير ينص على أنه تم اعتبار 42 موظفا وعميلا من الأشخاص المشتبه بهم ، لكنه لم يذكر أسماءهم ، وهو يبرئ اثنين من الموظفين الذين وردت أسماؤهما بالفعل ، وهما بورجين ورئيس مجلس الإدارة أول أندرسون ، من أي انتهاك في عقود توظيفهما.
ومع ذلك ، يتم إجراء تحقيقات جنائية ومدنية منفصلة في كل من الدنمارك وإستونيا ، في الوقت الذي بدأت فيه كل من المملكة المتحدة وفنلندا وسويسرا إجراء تحقيقات خاصة بها.
كما يقول جيسبر بيرج ، رئيس هيئة الرقابة المالية الدنماركية ، أن جميع المسؤولون على علم باستياء الجمهور الشديد ، نتيجة الازمة المالية المستمرة ، بالاضافة الى النتائج التى كانوا يطمحون اليها ولم يتم تحقيقها بالنسبة للقطاع المالى.
ولقد طُرحت تساؤلات أيضا بشأن ما إذا كان “دانسكي بنك” قد حصل على معاملة خاصة من الجهة المنظمة في بلده ، التي كان يترأسها حتى وقت قريب ، كبير الإداريين الماليين السابق في المصرف ، وينفي بيرج ذلك ويشير إلى إعادة فتح التحقيق الخاص بهيئة الرقابة المالية في قضية “دانسكي بنك”.
ولقد أتت تلك التسريبات في أسوأ وقت ممكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي ، الذي ظهر جليا تراخيه في السيطرة على عمليات غسل الأموال في حالات شتى ، بدءا من مالطا وقبرص وصولا إلى لاتفيا وهولندا.
ويعتبر المشرف على المصرف في البلد الذي يعمل فيه أنه هو المسؤول عن التحقق من ضوابط غسل الأموال ، بما في ذلك الفروع الأجنبية ، وفى حالة كان المصرف يمتلك فرعا أجنبيا ، حينها تنتقل المسؤولية إلى الجهة المنظمة في الولاية القضائية المضيفة.
أما بالنسبة لفرع “دانسكي بنك” في إستونيا ، فتقع كامل المسؤولية على عاتق الجهات الدنماركية المنظمة ، على أن الجهات التنظيمية المحلية تستطيع العمل بكفاءة ، إن كانت هنالك علاقات تعاون مع الجهات المضيفة.
ومن هنا جاء الرئيس التنفيذي لدى الهيئة المصرفية الأوروبية أندريا إنريا ، مطالبا بإيجاد هيئة جديدة خاصة بالاتحاد الأوروبي مكرسة لمحاربة موجة الأموال القذرة ، كما يقول: إن كنت أحد أعضاء السوق الموحدة ، يمكن لقوة ضوابط مكافحة غسيل الأموال أن تكون عالية بمقدار أضعف حلقة.
ولا يزال الخطر الأكبر يتمثل في أية إجراءات من الجانب الأمريكي وذلك بالنسبة ” لدانسكى بنك ” ، وصرح بيلينجسلي ، مسؤول وزارة الخزانة الأمريكية المكلف بمحاربة تمويل الإرهاب ، لصحيفة “بيرلينجسكي” مشددا على أنه وجميع العاملين على القضية يعملون على متابعة هذه القضية بحرص شديد.
وكان قد تم فرض غرامة في عام 2012 على بنك إتش إس بي سي قيمتها 1.9 مليار دولار ، بسبب غسيل أموال قيمتها 881 مليون دولار ، من أموال الاتجار بالمخدرات لمصلحة عصابة المخدرات المكسيكية سينالوا ، والا ان تلك المشكلة تتضاءل بجانب مشكلة “دانسكي بنك” ، حتى ولو كان جزء بسيط من مبلغ الـ200 مليار يورو هو نتاج عملية غسيل الأموال ، الا أن تقرير المصرف نفسه على أن “جزءا كبيرا ” من المبلغ كان مشبوها.
ولقد توقع المحللون بأنه سيتم فرض غرامة عالمية تصل إلى ثمانية مليارات دولار على “دانسكي بنك” إن ثبت أن هنالك مخالفات.
وبالنسبة للغرامة فتكون هى السيناريو الاقل سوءا ، حيث أنه بإمكان وزارة الخزانة الأمريكية أن تطلب من المصارف التي تسير معاملاتها بالدولار لمصلحة “دانسكي بنك” التوقف عن ذلك ، وهذا ما فعلته قبل ذلك في قضية “إيه بي إل في” ، أكبر مصرف لغير المقيمين في لاتفيا ، الذي اضطر لتصفية نفسه في وقت سابق من هذا العام ، بعد اتهامه من قبل الولايات المتحدة بانتهاك العقوبات المفروضة ضد كوريا الشمالية.
وقال راموس يارلوف ، وزير الأعمال ، إن الدنمارك تبذل كل ما في وسعها لكي تتجنب مصير بنك إيه بي إل في ، وقال أيضا “نحن نتعامل مع الموضوع هنا ، وسوف نشدد القبضة على أي غسل للأموال ، ونرجو أن تتم ملاحظة هذه الإجراءات في الخارج” . بصوت مختلف
وتعتبر أحد مصادر القلق الكبيرة هو بالضبط مدى انتشار الأموال القذرة ، كما أن بارو ، الخبير في مكافحة غسيل الأموال ، يشعر بالقلق من أن أعدادا كبيرة من المصارف وشركات المحاماة ، تجعل نفسها عرضة للمتاعب بسبب مقادير الأموال الروسية التي تتحرك ضمن النظام ، وقال لأحد المصارف البريطانية: “أنت بحاجة إلى التفكير في اليوم الذي ينقلب فيه بوتين علينا. سوف يكون جالسا على كنز من المعلومات”. بصوت مختلف
وفي عام 2013 ، كانت لدى “دانسكي بنك” حصة سوقية بنحو 9 في المائة من أموال غير المقيمين في بلدان البلطيق ، وعلى الرغم من ضخامة المبالغ المتورطة في فضيحة المصرف ، يتعجب البعض من الأموال الأكبر التي يتم غسلها في النظام .
ويقول بارو : انهم على علم بقضية “دانسكي بنك” لأن هوارد ويلكينسون قام بالمخاطرة والمجازفة وأبلغ عن الأمر ، لكن عدد المصارف الاخرى في بلدان البلطيق التى قد تكون متورطة في جرائم غسيل أموال وفساد مماثل ليسوا على علم بها.
القرارات التى اتخذت بخصوص تلك القضية :-
وبعد اجراء التحقيقات اللازمة في القضية ، جاء قرار المدعون الفيدراليون الذي تضمن مصادرة 2 مليار دولار ، من بنك دانسكي ، والذي يعد أحد أكبر البنوك في الدنمارك ، وذلك للسماح للجهات الفاعلة الأجنبية بتحويل الأموال من خلال فرعها في إستونيا بشكل غير قانوني من أجل الوصول غير القانوني إلى النظام المالي الأمريكي.
كما جاء دانسكى بنك بالاقرار بالذنب ، والذي خرج في النهاية بعد تحقيق استمر لسنوات ، وكذلك بعد اتهامات بأنها حولت مليارات الدولارات من مدفوعات غير مشروعة من عملاء ذوي مخاطر عالية ، بما في ذلك في روسيا ، إلى دول من بينها الولايات المتحدة.
ولقد وافق دانسكى بنك على مصادرة أكثر من ملياري دولار كجزء من اتفاقية الإقرار بالذنب ، وفقًا لوزارة العدل ، والتي طلبت من البنك الاعتراف بالذنب في تهمة واحدة من التآمر لارتكاب احتيال مصرفي.
بالإضافة إلى الإقرار الجنائي بالذنب ، أعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصات عن تسوية منفصلة مع بنك دانسكي بشأن مزاعم غسيل الأموال وافق فيها البنك على دفع ما يقرب من 413 مليون دولار.
ووفقا لوزارة العدل ، ان البنك كان على دراية بمليارات الدولارات التي يتم تحويلها على مدى ثماني سنوات من خلال فرع إستونيا إلى حسابات في الولايات المتحدة وأماكن أخرى دون المعلومات المناسبة لمكافحة غسيل الأموال حول كل حساب ، ويقول المدعون إن فرع البنك في إستونيا عالج حوالي 160 مليار دولار خلال تلك الفترة الزمنية.
كما يزعم المدعون أن البنك وعد العملاء بأنه يمكنهم نقل الأموال من خلال فرع في إستونيا دون إشراف يذكر ، وزعمت الإدارة أن موظفي البنك في إستونيا تآمروا مع عملائهم ، وساعدوا في حماية الطبيعة الحقيقية لمعاملاتهم ، بما في ذلك عن طريق استخدام الشركات الوهمية التي حجبت الملكية الفعلية للأموال.
وعلى الرغم من ان البنك كان على علم بأن الفرع قد انتهك القانون ولم يكن يفي بمعايير برنامج مكافحة غسيل الأموال للشركة ، فقد أغفل المسؤولون التنفيذيون المعاملات وكذبوا بشأن المعلومات المتعلقة بعملاء دانسكي بنك في استونيا وملف تعريف المخاطر الخاص بهم.
ولقد كان هذا هو المسار الذي اتخذته أكبر قضية غسيل أموال في العالم ، حيث تم انتهاك قواعد النظام المالى ، وضُرب بالقوانين عرض الحائط ، والتخلى عن السياسيات العامة للبنوك والاستثمار ، وتحويل مليارات اليورو الى حسابات ولصالح جهات لم تستطع حتى التحقيقات ان تكشف عن هويتها ، أو وجهة تلك الاموال النهائية ، بالرغم من انتهاء القضية ، واقرار البنك بالذنب ، وكذلك مصاردته أكثر من ملياري دولار.