وعد بلفور

قصاصة ورق غيرت التاريخ ، تلك هى القيمة التي كان يمتلكها ذلك الوعد الذي كان يتضمن بعض البنود والتي لم يكن من بينها ما يؤازر عرب فلسطين وان تضمن في ظاهره بنودا صورية بذلك.

ويروى التاريخ أن الباعث الأعظم الذي حقق حلم الصهيونية هو مارواه لويد جورج  رئيس الوزارة البريطانية الأسبق في مذكراته ، والذي أشار فيه الى الدور الذي قام به ايزمان في خدمة بريطانيا إبان الحرب العظمى ، حيث ساعد بريطانيا في استخراج مادة الاسيتون التي تستخدم في صنع الذخائر الحربية والتي كانت تستخرج من خشب الأشجار ، وبالطبع كانت البلاد في حالة حرب فتحتاج الى كميات كبيرة من الاسلحة ، وذلك يتطلب كميات هائلة من الخشب ، ولا تحتوى غابات انجلترا ما يكفى لتلك الكمية.

 وكان وايزمان بارعا في الكيمياء والذي كان مقتنعاً بأن أمل الصهيونية رهين بانتصار الحلفاء ، فاستطاع أن يستخرج المادة المطلوبة من مواد أخرى غير الخشب ، مثل الحبوب والذرة على وجه الخصوص ، وبذلك حلَّ لبريطانيا أعوص مشكلة عانتها أثناء الحرب.

وعلى إثر ذلك رفض وايزمان كل جزاء مقابل عمله ، بشرط أن تصنع بريطانيا شيئاً في سبيل الوطن القومي اليهودي ، ومن هنا بدأت مساندة بريطانيا لفكرة انشاء وطن لليهود .

ويعدُّ وعد بلفور الدعامة الأولى لإسرائيل ، فهو بيان علنى صدر من قبل الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الاولى ، وقد صدر تأييدا لتأسيس وطن قومى لليهود في فلسطين.

في أربعينيات القرن التاسع عشر بدأ الدعم السياسي البريطاني للوجود اليهودى في فلسطين ، وقاد هذا الدعم اللورد بالمرستون وكان ذك بعد احتلال القائد العثمانى الانفصالي محمد على لمصر وسوريا وفلسطين ، كما ان النفوذ الفرنسي بدا ينمو هو الآخر في فلسطين والشرق الأوسط عموما كحامية للمجتمعات الكاثوليكية ، ومن جهة أخرى بدأ النفوذ الروسي أيضا ينمو بإعتبار روسيا حامية للأرثوذكس في المناطق ذاتها.

ومن هنا وجدت بريطانيا نفسها دون أى نفوذ في تلك المناطق ، فدفعها هذا الى التفكير في خلق من تحميه فى تلك المناطق ، فبدأت في دعم المشاعر المسيحية المتعاطفة مع إعادة اليهود الى فلسطين ، ولقد شجعت وزراة الخارجية البريطانية هجرة اليهود بنشاط الى فلسطين ، لكن تلك الجهود المبكرة لم تنجح في دفع هجرة اليهود الى فلسطين.

وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى ، أدت الحسابات القديمة التي أُهملت لبعض الوقت إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات وقيام المفاوضات السياسية على منطقتى الشرق الاوسط والشرق الأقصى.

نشأة الصهيونية :-

واذا تحرينا الدقة في البحث عن نشأة الصهيونية ، نجد أن الحركة الصهيونية نشأت في أواخر القرن التاسع عشر كرد فعل على الحركات القوميّة المعادية للسامية والإقصائية في أوروبا ، كما ان القومية الرومانسية في أوروبا ساعدت على إطلاق حركة التنوير اليهودى ، فأدى ذلك الى حدوث انقساما في المجتمع اليهودى بين أولئك الذي رأوا اليهوديّة كدين لهم وأولئك الذين رأوها كعرقيتهم أو أمتهم ، ولقد شجعت حركة الإبادة اليهودية في روسيا القيصرية على تنامى شعور اليهود بهويتهم اليهودية ، فأدى ذلك الى تشكيل منظمة أحباء صهيون ، وسميت الموجه الأولى الرئيسية  للهجرة اليهوديّة إلى فلسطين باسم (عليا الاولى ).

وجاء كتاب الدولة اليهودية الذي كتبه الصحفي اليهودى تيودر هرتزل ، ونشر فيه النص الأساسي للصهيونية السياسية ، كما أنه أكد في هذا الكتاب على ان الحل الوحيد للمسألة اليهوديّة في أوروبا ، والتي منها تنامي معاداة الساميّة هو تأسيس دولة لليهود ، ثم أسس المنظمة الصهيونية ، ودعت تلك المنظمة في أول مؤتمر لها إلى تأسيس وطن للشعب اليهودى  في فلسطين تحت حماية القانون العام.

وفي الوقت الذي كان فيه هرتزل يضغط من أجل إنشاء وطنٍ يهودي في فلسطين، أدت النزعة القومية العربية إلى الرغبة في الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية. وإبان اندلاع الحرب العالمية الأولى، قررت بريطانيا، التي كانت تدرك رغبات كلٍ من العرب والصهاينة على حد سواء، استغلال الوضع لتعزيز مصالحها الاستعمارية الخاصة.

وفي يوليو 1915، خطى هنري مكماهون ، الممثل الأعلى لملك بريطانيا في القاهرة ، أولى خطواته متقرباً للعرب من خلال حسين بن علي شريف مكة ، فوافقت بريطانيا على الاعتراف باستقلال العرب بعد الحرب مقابل مساعدة عربية في محاربة العثمانيين ، ولقد حددت رسالة مكماهون حدود الدولة العربية المستقلة المقبلة ، مع التحفظ على بعض المناطق.

وبحلول عام 1916 كانت فلسطين قد أمضت أربعة قرون تحت حكم العثمانيين ، وخلال تلك الفترة كان اليهود يمثلون أقلية صغيرة من السكان ، بينما المسلمون يمثلون الفئة الأكبر من السكان ويأتى بعدهم المسيحيون في المرتبة الثانية.

بدأ العثمانيون بالتضييق على الهجرة اليهودية كردة فعل على موجه عليا الاولى ،  وعلى الرغم من أن هذه الموجة من الهجرة قد خلقت توتراً مع السكان المحليين ، خاصة بين التجار والطبقات البارزة في المجتمع ، فقد أعطى الباب العالي لليهود الحقوق ذاتها التي يمتلكها العرب في شراء الأراضي في فلسطين.

وبحلول عام 1914 ارتفعت نسبة السكان اليهود ، ومع بدء موجة هجرة عليا الثانية ، تصاعدت القوميّة العربيّة ومعاداة الصهيونيّة في فلسطين ، وبعد اندلاع الحرب العالمية الاولى  ناقشت الحكومة البريطانية لأول مرة الصهيونيّة في لقاء وقع بعد أربع أيام من إعلان بريطانيا للحرب على الإمبراطوريّة العثمانيّة ، التي كانت تدير أرض فلسطين تحت اسم متصرفية القدس.

ولقد انتعشت جهود وايزمان السياسية ، وفي عام 1914 التقى وايزمان مع هربرت صموئيل عضو مجلس الوزراء البريطاني وعالم يهودى درس الصهيونية ، ولقد اعتقد صموئيل أن مطالب وايزمان متواضعة جدا ، وبعد شهر نشر صموئيل مذكرة بعنوان مستقبل فلسطين ، لزملائه في مجلس الوزراء ، وذكر صموئيل في تلك المذكرة أن حل مشكلة فلسطين سيلقى أكبر ترحيب بين قادة الحركة الصهيونية وداعميهم من خلال ضم البلاد إلى الامبراطورية البريطانية ، وناقش صموئيل نسخة من مذكرته مع ناثان روتشيلد ، وكان ذلك قبل شهر من وفاة ناثان روتشيلد ، كما كانت تلك المرة الاولى التي يُقترح فيها دعم اليهود كإجراء حربي في سجل رسمي.

التغيرات في الحكومة البريطانية :-

ولقد جاء إعلان بلفور بعد أن حلت حكومة لويد جورج محل حكومة هربرت أسكويث 1916 ، وبعدما تسلم لويد جورج منصبه أخبر الجنرال روبرتسون رئيس هيئة الأركان العامة الإمبراطوريّة ، أنه يطمح في  تحقيق انتصارا كبيرا ، ويرى ان الاستيلاء على مدينة القدس من شأن أن يثير إعجاب الرأى العام البريطاني ، ولكن في الحقيقة فقد فشلت الحملات المتتالية على فلسطين ، ولم تحقق أى تقدم فيها.

وبعد التغير الحكومى البريطاني كُلف مارك سايكس من قبل حكومة الحرب بمسؤولية شؤون الشرق الأوسط ، وعلى الرغم من أن مارك سايكس كان قد أسَّس علاقةً مع موسى جاستر سابقاً، إلا أنه بدأ بالبحث عن قادة صهاينة آخرين للقائهم ، ثم تعرف سايكس على وازي مان وزميله ناحوم سوكولوف الصحفيّ والمدير التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية بعد أن انتقل إلى بريطانيا في بداية الحرب.

ثم  دخل سايكس في مناقشات موضوعية مع القيادة الصهيونية ، ونوقشت المراسلا البريطانية السابقة مع العرب خلال هذا الاجتماع  ، واعتبر العرب أن اللغة هى المقياس الذي بموجبه تتحدد أحقية السيطرة على فلسطين ، ووفقا لهذا المقياس طالبوا بكل من سوريا وفلسطين ، وحتى هذه المرحلة لم يكن الصهاينة علم باتفاقيّة سايكس بيكو، على الرغم من شكوكهم في الأمر ، والتى كان من أهم اهدافها حشد الصهيونيّة لقضية سيادة البريطانيين على فلسطين.

ولقد أدت المناقشات التي كانت تجريها حكومة الحرب البريطانية الى إعلان الوعد ، ثم قام بلفور بالتقاء وايزمان في وزارة الخارجية ، وكان هذا اللقاء الذي وصفه وايزمان بأنه أول محادثة عمل حقيقة له مع بلفور ،  وشرح وايزمان في هذا اللقاء أن الصهاينة يفضلون فرض الحماية البريطانية على فلسطين بدلاً من الترتيبات الإدارية الأمريكية أو الفرنسية أو الدولية ، ووافق بلفور على ذلك ، وقاد القتال البريطانيون وحدهم على الحدود الجنوبية للدولة العثمانية ، نظراً لوجودهم في مستعمرة مصر المُجاورة لهذه المنطقة.

وأثار  لويد جورج قضية فرض الحماية البريطانية على فلسطين ، وتلقى الفرنسيون والإيطاليون تلك الفكرة ببرود شديد ، ومن بعد ذلك عندما كان البريطانيون يقومون بالتحضير لشن هجوم جددي على فلسطين ، قام كل من الفرنسيون والايطاليون بإرسال الدعم الى البريطانيين.

وعُين  سايكس وبيكو كمفاوِضين رئيسيَين مرة أخرى عن بريطانيا وفرنسا على الترتيب ، هذه المرة في مهمة لمدة شهر في الشرق الأوسط لإجراء مناقشات مع شريف مكة والقادة العرب الآخرين ، وقبل السفر إلى الشرق الأوسط ، قام بيكو عبر سايكس بدعوة ناحوم سوكولوف إلى باريس لتوعية الحكومة الفرنسية فيما يتعلّق بالحركة الصهيونيّة ، وسايكس كان قد قام بتهيئة الطريق من خلال مراسلات مع بيكو ، والتقى سوكولوف ببيكو ومسؤولين فرنسيين أخرين ، وأقنع وزارة الخارجية اللفرنسية بقبول دراسة بيان أهداف الصهيونية ، خاصة في الجزء الذي يتعلق بتسهيلات الاستعمار والاستقلال الذاتي الجماعى وحقوق اللغة وتأسيس شركة يهودية مُرخصة ، وبعدها توجه سايكس الى ايطاليا مباشرة وعقد اجتماعات مع السفير البريطاني وممثل الفاتيكان لتمهيد الطريق الى  سوكولوف هناك ، وتضمنت ملاحظات سوكولوف عن هذا اللقاء انه تضمن تعاطف البابا ودعمه للمشروع الصهيوني.

وفي الثالث عشر من يونيو لعام 1917 اعترف رونالد جراهام رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية بأن السياسيين الثلاثة الأ:ثر بروزا وهم رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووكيل وزارة الدولة للشؤون الخارجية البرلماني اللورد روبرت سيسل كانوا جميعاً مؤيدين لدعم بريطانيا للحركة الصهيونية ، وفي نفس اليوم كتب وايزمان الى جراهام للدفاع عن الاعلان على الملأ.

وبعد ذلك طلب بلفور من اللورد روتشيلد ووايزمان تقديم صيغة للإعلان ، وبعد تقديمه الطلب بعده أسابيع ، أعدت لجنة المفاوضات الصهيونية مسودة ، ولكن اعتبرها سايكس وجراهام وروتشيلد شديدة التحديد في بعض المجالات الحساسة ، فأعدت وزارة الخارجية بشكل منفصل مسودة مختلفة ، وصفها هارولد نيكلسون وهو أحد من اشترك في إعدادها  على أنه ملاذ لضحايا الاضطهاد من اليهود ، ولقد لقيت هذه المسودة معارضة قوية من الصهاينة ، وأُهملت فينهاية المطاف ولم يُعثر على أى نسخة منها في أرشيفات وزارة الخارجية.

ولقد تم اتخاذ اقرار بإعلان الوعد من قبل حكومة الحرب البريطانية ، وقد جاء هذا القرار بعد مناقشة امتدت لأربعة لقاءات حكومية ، وعقدت تلك اللقاءات الأربعة على مدى شهرين ، وقام ستة قادة صهاينة وأربعة من اليهود غير الصهاينة بتقديم عروضاً رسمية أمام مجلس الوزراء ، وبعدها طلب مسؤولون بريطانيون من الرئيس الأمريكي ويلسون موافقته ، ورد مرة بأن الوقت لم يحن بعد ، وفي مرة أخرى رد بالموافقة على إصدار الإعلان .

وبعد رفع الحظر عن أرشيف الحكومة البريطانية ، الأمر الذي سمح للعلماء بتجميع الصيغ المختلفة للإعلان ، حتى أن ليونارد ستاين قد نشر في كتابه الذي صدر عام 1961 أربع صياغات للإعلان كانت مقترحة على الحكومة البريطانية في ذلك الوقت.

ولقد جادل فيما بعد الكثير من الكتاب في هوية المؤلف الأساسي للوعد ، وقد أوضح بروفيسور التاريخ الأكاديي في جامعة جورج تاون كارول كيوجلي في كتابه الذي صدر في عام 1981 ، رأيه بأن اللورد مينلر كان الكاتب الرئيسي للوعد ، واختلف بعده العديد من الكتاب حول هوية مؤلف الوعد في كتاباتهم.

ولقد تم ارسال الصيغة التي اتفق عليها للإعلان والتي تتكون من جملة واحدة من بلفور إلى والتر روتشيلد حتى يقوم بنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى وإيرلندا ، وهذا الاعلان تضمن أربعة بنود ، أول بندين كانا يدوران حول دعم تأسيس وطن قومى لليهود في فلسطين ، وتبع البندان بندان أخرون وقائيان ، ينصان على احترام الحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة بفلسطين ، وكذلك الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أى بلد آخر.

انشاء وطن قومى  لليهود في فلسطين

وعند النظر الى أول بند من بنود الاعلان الذي أشار الى انشاء وطن قومى لليهود في فلسطين ، نجد ان مصطلح وطن قومى قد أُصيغ غامضا بشكل متعمد ، من دون وجود اشارة مرجعية قانونية أو سابقة تاريخية في القانون الدولي ، وذلك اعتبارا الى ان معناه  غير واضح عند مقارنته بمصطلحات أُخرى كـالدولة ، وقد استخدم هذا المصطلح بدلا عن مصطلح الدولة عن قصد بسبب وجود أصوات معارضة للبرنامج الصهيونى داخل أوساط الحكومة البريطانية.

وكما أشار المؤرخون الى أن كبيري مهندسي إعلان بلفور ظنوا أنه سوف تقوم دولة يهودية مع مرور الوقت ، بينما خلصت اللجنة الملكية الفلسطينية إلى أن الصياغة كانت نتاج حل وسط بين أولئك الوزراء الذين ارتأوا إنشاء دولة يهودية وأولئك الذين لم يرتأوا.

ولقد افترضت بعض الصحف البريطانية أنه كانت هناك رغبة بإقامة دولة يهودية حتى قبل إكمال الصيغة النهائية للإعلان ، وكانت الصحف في الولايات الأمريكية قد بدأت باستخدام مصطلحات الوطن القومى اليهودى ودولة يهودية وكذلك جمهورية يهودية وكومنولث يهودى بشكل متبادل.

ويقدم الخبير في المعاهدات دايفيد هنتر ميلر ، والذي كان حاضرا في مؤتمر باريس للسلام ، تقريرا عن قسم المخابرات في الوفد الأمريكي إلى مؤتمر باريس للسلام ، وهذا المؤتمر هو  الذي أُوصى فيه بإقامة دولة مستقلة في فلسطين ،  وأن هذا سيكون سياسة عصبة الأمم للاعتراف بفلسطين كدولة يهودية ، حالما تقوم فيها دولة يهودية على أرض الواقع .

 ولقد نصح التقرر بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة تحت انتداب بريطاني مشرع من عصبة الأمم ، وأن يتم السماح بالاستيطان اليهودي وتشجيعه في هذه الدولة وأن تكون الأماكن المقدسة في هذه الدولة تحت سيطرة عصبة الأمم ، كما أن مجموعة التحقيق الأمريكية توجهت للدراسة بإيجابية عن إمكانية قيام دولة يهودية في فلسطين في حالة تواجد التركيبة السكانية الملائمة لهذا الامر.

وقد أشار المؤرخون فيما بعد إلى أن نهج الولايات المتحدة كان يعوقه الغياب العام للمعرفة المتخصصة بالمنطقة ، كما ان هذا النهج  مثل الكثير من أعمال لجنة التحقيق الأمريكية عن الشرق الأوسط ، فإن التقارير عن فلسطين كانت خاطئة للغاية ، حيث أنها كانت تفترض مسبقا نتيجة الصراع.

ولقد سأل آرثر ميغان خلال لقاء حكومى في عام 1921 تشرشل عن معنى الوطن القومى ، فأجاب تشرشل قائلا فيما معناه أن اليهود اذا أصبحوا بمرور السنسن أكثرية في البلد ، فإنهم سيأخذونه بشكل طبيعي ، بالتناسب مع العرب ، واشار الى انهم قد تعهدوا بعدم إخراج العرب من أرضهم او سلبهم حقوقهم السياسية والاجتماعية.

وكان كورزون قد كتب مذكرة تم تداولها والتي كانت تطرح سؤالا يدور حول معنى وطن قومي للعرق اليهودى في فلسطين ، حيث أنه لاحظ ان هناك آراء متعددة تتعلق بالأمر تتراوح بين مركز روحي لليهود فقط وحتى دولة كاملة.

فكتب بلفور ردا على كرزون قائلا ، لم يطرح وايزمان أبداً فكرة المطالبة بحكومة يهوديّة في فلسطين ، وأكد بلفور على ان هذا الإدعاء غير مقبول ، واستطرد مؤكدا على أنه ليس من الواجب أن ذهبون بمعتقداتهم أبعد من الاعلان الأصلي الذي قدمه الى اللورد روتشيلد.

وأصدرت فرنسا عام 1919 بياناً بأنها لا تُعارض وضع فلسطين تحت الوصاية البريطانية وتشكيل دولة يهودية ، ولقد وافق الفرنسيون على وطن قومي يهودي لا على دولة يهودية  ، حيث أنهم اعتبروا أن اليهود يتحركون في اتجاه إقامة دولة ، وتلك السياسة مرفوضة رفضا قطعيا بالنسبة للفرنسيين .

موقف الدول تجاه تلك ذلك :-

من جهة أخبر وزير خارجية اليونان لمحرر جريدة سالونيكا اليهودية الموالية لإسرائيل أن تاسيس دولة يهودية يلقى ترحيبا من اليونان تعاطفا كاملا وصادقا ، كما أن فلسطين اليهودية حليفا لليونان ، ومن جهة أخرى فهناك سويسرا فقد أيد عدد من المؤرخين بما فيهم الأساتذة توبلر ، فكرة إقامة دولة يهوديّة مع إشارتهم إلى الحق المقدس لليهود ، أما بالنسبة لألمانيا فقد اعتبر المسؤولون ومعظم الصحافة الألمانية الإعلان بمثابة إقامة دولية لليهود برعاية بريطانية.

وأوضحت الحكومة البريطانية ، وبما فيها تشرشل أن الإعلان لم يقصد تحويل كامل فلسطين إلى وطن قومي يهودي لكن ينبغي أن يكون مثل هذا الوطن في فلسطين.

وبذلك الوعد واعلانه ، وتحول اليهود من كل بقاع العالم الى فلسطين ، اندثرت فلسطين واختُزلت رويدا رويدا ، ونشات دولة جديدة سميت اسرائيل ، والتي كان لها نصيب الأسد من تلك البقعة العربية ، والتي ظلوا يحاولون طوال عشرات السنين طمس تلك الآثار العربية عن فلسطين ، ومازالت محاولاتهم مستمرة في نفس هذا الصدد ، ولم تنل فلسطين العربية من تلك الوعود التي مُنيت بها قبل استيطان اليهود لأراضيهم.

ولم يذعن الفلسطينيين هكذا بل قاوموا حركة توطين اليهود لأراضيهم بأرواحهم ودمائهم ، كما قامت عدة ثورات ردا على وعد بلفور هذا والتي من أبرزها الثورة الفلسطينية الكبرى التي اندلعت  عام ١٩٣٥ ، والتي قامت على يد الشيخ عز الدين القاسم ، وبعد استشهاده قاد الثورة فخري عبد الهادي ، فقامت بريطانيا بإرسال لجنة بيل عام 1937 التي اعلنت تقسيم  فلسطين بين كل من العرب واليهود.

Leave A Comment