المغرب تحت الأنقاض 

في ساعة مبكرة من صباح يوم السبت الموافق الثامن من سبتمتبر لعام 2023 ، ضرب زلزال عنيف دولة المغرب ، ولقد وقع الزلزال المدمر ، في الساعة الواحدة و11 دقيقة صباحًا ، واستمر نحو ٥٤ ثانية تقريبًا ، ووصف الزلزال بانه الأكبر في تاريخ المغرب .

وبلغت قوة الزلزال حوالى  6.9  درجة على مقياس ريختر ، والعمق حوالي ١٥ كم ، في جنوبي غرب مدينة مراكش ، على بعد 320 كم جنوب العاصمة الرباط ، وتصنف تلك المنطقة بأنها نشطة زلزاليًا.

ولقد تسبب الزلزال بأضرار مادية وانهيارات للمبانى ، ويعتبر هذا الزلزال هو الأكبر من حيث عدد الضحايا في المغرب منذ هزة أرضية  في 2004 بالقرب من الحسيمة في شمال البلاد أودت بحياة أكثر من 600 شخص ، فلقد أسفر الزلزال  الذي ضرب البلاد عن  632 قتيلاً و329 مصاباً ، كما أن الاعلام المغربي يؤكد على وجود تعبئة كبرى بالمؤسسات الصحية ودعوات للتبرع بالدم لإغاثة ضحايا الزلزال.

وسُجل وقوع الضحايا في أقاليم وعمالات الحوز ومراكش وورزازات وأزيلال وشيشاوة وتارودان ، ومعظمها مناطق جبلية يصعب الوصول اليها ، وتبعا لذلك تساعد قوات الجيش فرق الحماية المدنية في عمليات الانقاذ ، ولقد ذكر رئيس قسم المعهد الوطني للجيوفيزياء بالمغرب  ناصر جابور ، أن الزلزال عنيف للغاية ، حيث إنها المرة الأولى منذ قرن التي يسجل فيها المركز هزة أرضية عنيفة بهذا الشكل بالمغرب.

كما أشار المعهد الوطني للجيوفيزياء ، أن الهزات الارتدادية ، عقب الزلزال الذي ضرب المغرب ، يمكن أن تتواصل ، بالاضافة الى أنه من الممكن أن تتواصل الهزات الارتدادية بضعة أيام أو بضعة أسابيع قبل أن تختفي.

ودفع الزلزال الناس إلى النزول إلى الشوارع ، وقال سكان مراكش ، والتى هى أقرب مدينة كبيرة إلى مركز الزلزال ، إن بعض المباني قد انهارت في الجزء القديم من المدينة ، وهي المصنفة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي ، وأظهرت لقطات لسور المدينة الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى شقوقا كبيرة في أحد أقسامه وسقوط أجزاء منه وتناثر الأنقاض في الشارع.

وتحت الانقاض سقط الكثير من الاهالى والسكان ، كما تدفق الجرحى الى مستشفيات مراكش بشكل هائل ، كما شعر أيضا سكان الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة بالزلزال ، إذ خرج عدد من المواطنين إلى شوارع هذه المدن خشية انهيار منازلهم.

ولقد وثقت مقاطع فيديو متداولة على منصات التواصل الاجتماعي الحطام الناتج عن سقوط وتصدع المباني ، خاصة في شوارع وأزقة مدينة مراكش ، كما تضررت السيارات جراء تساقط الحطام.

وأشارت وزارة الداخلية المغربية إلى أن السلطات المحلية والمصالح الأمنية والوقاية المدنية في عموم المملكة سخّرت كل الوسائل والإمكانيات للتدخل وتقديم المساعدات اللازمة وتقييم الأضرار ، داعية المواطنين للتحلي بالهدوء.

و في التاسع والعشرين من فبراير  لعام  1960  دمر زلزال مدينة أغادير الواقعة على الساحل الغربي للبلاد ، وخلف وراءه أكثر من 12 ألف قتيل ، أي ثلث سكان المدينة ، وخلف أيضا 12 ألفا أخرين من الجرحى ، بينما ترك ما لا يقل عن 35 ألف شخص بلا مأوى ، وبلغت خسائره 290 مليون دولار ، وكانت شدته قد بلغت 5.7 درجة على مقياس ريختر .

 فجدد الزلزال الذي ضرب المغرب السبت ، الذكريات الأليمة لسلسلة من الزلازل التي شهدتها البلاد من قبل ، وتجدر الإشارة إلى أنّ المغرب يقع في منطقة عدم استقرار زلزاليا ، لانتمائه إلى حوض البحر المتوسط الذي عرف زلازل قوية عبر التاريخ.

ومن المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا أكثر حيث يُشار الى أن الزلزال ضرب ثلث البلاد ، وقد يستغرق الأمر أياماً قبل أن تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إلى تلك القرى النائية في جبال الأطلس التي تضررت بشدة من الزلزال ،  والتي تتكون أساساً من مباني قديمة ، وحتى سكان جزر الكناري قبالة سواحل المغرب وفي الجزائر ، جارتها الشرقية ، يقولون إنهم شعروا بالزلزال.

ولقد تضررت عدة معالم ومبان أثرية في الزلزال الكبير الذي لًقي فيه المئات حتفهم ، ومن بينها منارة أحد أشهر جوامع شمال إفريقيا في مراكش ، حيث اهتزت صومعة جامع الكتبية ، وتصاعد منها غبار ، والذي يُعتبر من المآثر العمرانية الموحدية بمراكش ، كما أظهرت الصور سقوط صومعة أخرى في المدينة.

تدمرت السيارات في الشوارع نتيجة تساقط المبانى

ردود الافعال العربية والدولية ازاء ما حدث في المغرب :-

ولقد سيطر زلزال المغرب على افتتاح اجتماعات مجموعة العشرين ، وكان المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وصف الشعب المغربي بالصديق ، من أوائل من قدم تعازيه للمغرب.

كما قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعرض إرسال مساعدات من فرنسا إلى المغرب ، بالاضافة الى أن السفارة الفرنسية في المغرب فتحت وحدة استجابة للطواريء .

وتضامن رئيس الوزراء الإسباني مع الشعب وأهالى الضحايا ، ولقد قالت الحكومة الإقليمية في إقليم الأندلس في جنوب غرب إسبانيا إن السكان شعروا بالزلزال ، في مدن مثل قرطبة وإشبيلية.

وتضامن الرئيس الاوكرانى فلاديمير زيلينسكي مع المغرب وقدم تعازيه وأسفه إزاء الحادث ، كما أعرب الرئيس التركي طيب أردوغان عن وقوفه إلى جانب المغرب وقال “إننا نقف إلى جانب أشقائنا المغاربة بكل الوسائل المتاحة في هذا اليوم الصعب”، وأعرب عن استعداد بلاده لتقديم كافة أنواع الدعم للمغرب.

وأصدرت وزارة الخارجية في الإمارات العربية المتحدة بيانا أكدت فيه خالص التعازي للمغرب حكومة وشعبا ولأسر ضحايا هذه المأساة ، وشرعت في تسيير جسر جوي لنقل مساعدات إغاثة عاجلة إلى المتضررين ، وتقديم مختلف أشكال الدعم ، كما قدمت معظم الدول العربية تعازيها وأعربت عن تضامنها مع المغرب واستعدادها لتقديم ما يلزم.

ومنذ ما يقرب من الاسبوعين ، كان عالم الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس قد عاد لتحذيراته المرعبة ، حيث حذر من زلزال قد تتخطى قوته الـ8 درجات على مقياس رختر ، وذلك بسبب الاصطفاف بين الأرض وكل من كوكبي المريخ ونبتون ، وكذلك الهندسة القمرية مع نفس الكوكبين.

وكان هوغربيتس قد قال ” إنه إذا حدث ذلك خلال الـ24 ساعة القادمة أو الأسابيع القليلة المقبلة ، فسيكون الخامس من حيث الحجم خلال 20 عامًا.. لذلك فهو ليس مجرد حدث زلزالي”.

وقد تسببت تحذيرات هوغربيتس المتكررة في حالة من الهلع حول العالم ، خاصة بعد أن تنبأ عدة مرات بحدوث زلازل أو هزات قبل وقوعها بالفعل على مدار الأسابيع القليلة الماضية ، وربط بين تنبؤاته وبين تحركات الكواكب واصطفافها ، أهمها كان توقعه بالزلزال المدمر الذي ضرب الأراضي التركية في السادس من فبراير الماضي والذي تسبب في سقوط أكثر من 50 ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى والمشردين ، وكان هوغربيتس قد توقع ذلك قبل وقوع الزلزال بثلاثة أيام ، الا أنه على الرغم من ذلك يؤكد العلماء أنه لا يمكن بأي طريقة التنبؤ بوقوع الزلازل والهزات الأرضية.

Leave A Comment