فضيحة ديفيد بترايوس

ومن بين الفضائح الأمريكية للساسة والزعماء ، سنتولى أمر قضية أخرى ، حدثت لقائد وسياسي ماهر قاد حرب العراق ، وأفغانستان ، بمعنى أنه قائد لامع في تاريخ السياسية الامريكى ، الا أنه ومع دخول امراءة في حياة هذا السياسي العظيم ، والتفاف اسمها باسم القائد الماهر ، فأدى ذلك الى أن فقد بريقه السياسي ، وتورط في فضيحة كبري ، قضت على وضعه السياسي ، وكادت تعصف بتاريخه العظيم ككل ، وكان من الممكن أن يواجه السجن بسببها ، وكانت تلك القضية تتضمن علاقة عاطفية خارج اطار الزواج ، ذلك الامر الذي شاع وانتشر كثيرا بين زعماء الساسة الامريكيين ، الا ان قضية ديفيد بترايوس كانت الاصعب ، فقد واجه اتهامات بتسريب معلومات هامة وخطيرة من اسرار الدولة لتلك المراة التى كانت تجمعه بها علاقة غير شرعية .

اذا فما هى أبعاد تلك القضية التى أطاحت بديفيد بترايوس من منصبة في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ؟

بعد أيام قليلة من اعادة  انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما ، انفجرت فضيحة خاصة بالجنرال  ديفيد بترايوس مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ، وعلاقته خارج الزواج التي ما انفكت تتشعب ،  وتظهر كل يوم معلومات جديدة حولها.

وتعود أحداث تلك االقضية الى عام 2011 ، حيث علم وزير العدل الامريكي إريك هولدر بأن عملاء مكتب التحقيق الفدرالي (أف بي آي) يحققون في علاقة جنسية أقامها مدير “سي آي ايه”   CIA  مع كاتبة سيرته الذاتية باولا  برودويل.

ولقد ظلت  تلك المعلومات طى الكتمان ، بعد أن علمت بها وزارة العدل ، مما جعل التساؤلات تثار هل ستطرح نظرية التستر على تلك الفضيحة ارجاعا لأسباب انتخابية ؟

فعلى ما يبدو أن تلك المعلومات بقيت طى الكتمان حتى اتمام العمليات الانتخابية ، حيث أن تسريب تلك المعلومات قبل الانتخابات ، كان من المؤكد أن يؤثر على نتيجة الانتخابات.

ومن ثم تم استدعاء باولا  برودويل من قبل عملاء الــ “أف بي أي” ، ومواجهتها بمعلومات سرية وجدوها على حاسوبها الذي استخدمته للتواصل مع بترايوس ، لكن برداويل نفت أن يكون بترايوس مصدر تلك المعلومات السرية ، فلربما كانت باولا  برودويل ضحية سياسية أريد من خلالها محاولة لإخفاء شيء آخر كلي ، حيث ان المسألة بخصوص باولا  برودويل لكم تكن مجرد قضية علاقة جنسية غير مشروعة ، حيث ان تنلك القضية ان كانت بصدد أشخاص أخرون لما أحدثت كل تلك الضجة  ، لكن الأمر يتعلق بمنصب الجنرال ديفيد بترايوس والبعد الامنى الذي يحتله ، حيث ان ديفيد بترايوس كان مديرا لوكالة الاستخبارات الامريكية ، ومن هنا فضلت “أف بي آي” وكذلك وزارة العدل عدم التطرق الى التعليق على الفضيحة حتى الانتهاء من التحقيق .

استقالة ديفيد بترايوس :-

ومن ثم وبعدما  بدأت تنتشر الشائعات حول بطل حرب العراق ديفيد بترايوس تشير الى اقامته  علاقة خارج اطار الزواج  ، وهو امر لا يليق وتصرف غير مقبول من رجل متزوج ، ومسؤول في مؤسسة كمؤسسة الاستخبارت المركزية الامريكية ، فقامت ديفيد يقدم على اعلان استقالته من منصبه ، وذلك  بعد عام ونصف من توليه المنصب ، مما ينهي حياته المهنية الناجحة ويجعل بريق بطل حرب العراق يخبو ، وكل ذلك بسبب مغامرة عاطفية .

وقبل الرئيس باراك اوباما الاستقالة في حديث هاتفي ، كما اكد مسؤول في البيت الابيض اوضح ان قرار الاستقالة اتخذه بترايوس شخصيا ، ولم تكشف هوية السيدة التي اقام معها بترايوس هذه العلاقة ، الا أن شبكة التلفزيون ان بي سي ذكرت ان مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) يجري تحقيقات بشأن باولا برودويل ، التي يشتبه بانها حاولت الاطلاع على الرسائل الالكترونية لبترايوس التي تحوي معلومات سرية عندما كان على رأس التحالف الدولي في افغانستان.

ما وراء الفضيحة غيرة أم اختراق لأقوى جهاز مخابرات في العالم ؟

وبعد استقالة بترايوس مدير الـ سي أي إيه ، تزايدت تشعبات الفضيحة ، ولقد أشارت التقارير الى أن الغيرة كانت هى الدافع وراء كشف العلاقة الجنسية لـ”بطل حرب العراق” ، كما دارت  التساؤلات حول المخاطر المحتملة لمغامرة رئيس أقوى جهاز مخابرات في العالم.

فلقد بدات القضية تنكشف بعد أن أثير التحقيق ن أثير التحقيق عبر رسائل بالبريد الالكتروني تتضمن “مضايقات” أرسلتها برودويل إلى امرأة ثانية. والسيدة التي تلقت الرسائل الالكترونية أصيبت بخوف شديد ، وقامت بالتوجه إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي لطلب الحماية والمساعدة في ملاحقة الجهة المرسلة.

بالرغم من ان تلك المراة لم تكن تعمل لدى السي آي ايه وعلاقتها مع بترايوس تبقى غير واضحة  ، لكن الرسائل الالكترونية تشير إلى أن برودويل كانت ترى فيها تهديدا لعلاقتها ببترايوس ، كما ان بردويل متزوجة ولديها ولدان.

ولقد اجريت التحقيقات لتحديد ما إذا كانت هناك أي مخاطر أمنية أو تهديد للأمن القومي الأمريكي ، بما في ذلك ما إذا كان بترايوس قد تعرض لابتزاز من عميل أجنبي ، كما تم اجراء التحقيقات مع باولا برودويل التي يشتبه بأنها حاولت الاطلاع على الرسائل الالكترونية لبترايوس التي تحوي معلومات سرية عندما كان الرجل على رأس التحالف الدولي في أفغانستان وتحت إمرته 140 ألف جندي.

ولقد كانت تلك الفضيحة بمثابة انهيار قوي لشخصية عسكرية مرموقة كان يُعتبر صاحبها من أبرز الزعماء الأمريكيين في جيله وكان ينظر إليه يوما على أنه من المرشحين المحتمين لدخول البيت الأبيض.

وينسب إلى بترايوس الفضل في إبعاد العراق عن هوة الحرب الأهلية الشاملة حين كان قائدا للقوات الأمريكية هناك كما كلفه الرئيس باراك أوباما بقيادة قواته في أفغانستان قبل أن يتولى إدارة وكالة المخابرات المركزية عام2012 ..

وبعد ظهور الفضيحة بقي بتريوس بعيدا عن الأنظار في الأشهر الخمسة التى تلت الفضيحة ،  وتلقى بترايوس عروضا من شركة مالية ولإلقاء خطابات مدفوعة أو العمل كمستشار لشركات كبرى.

اتساع الفضيحة لتشمل أعلى قائد امريكي في افغانستان :-

ومن ثم اتسع نطاق الفضيحة ليشمل أعلى قائد امريكي في أفغانستان الجنرال جون الين ، وتم خضوعه للتحقيق في مزاعم عن اتصالات مشبوهة مع امراة في قلب الفضيحة التي تلاحق ديفيد بتريوس المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية.

ولقد اعلن وزير الدفاع ليون بانيتا في بيان وزع على صحفيين يرافقونه الى استراليا انه طلب ان يتأجل ترشيح الين كقائد للقيادة الامريكية الاوروبية وكقائد أعلى لقوات التحالف في أوروبا وان الرئيس الامريكي باراك أوباما وافق على ذلك ، حيث تم توقيف أو تأجيل الترشيح لحين تنتهى التحقيقات ، وتثبت برائته .

البنتاغون يحقق في رسائل الجنرال ألين

كما طالب وزير الدفاع الامريكي لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ بالتحرك على الفور بشأن ترشيح الجنرال جوزيف دانفورد خليفة الين في أفغانستان لمنصب قائد قوات التحالف في أوروبا.

وأوضح مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية أن البنتاغون يحقق في 30 ألف صفحة من رسائل البريد الإلكتروني في إطار الاتصالات التي كانت تجري بين الجنرال الين مع تلك المراة التى تلقت الرسائل والتى تُدعى كيلى ، وذلك بين عامي 2010 و2012.

وبعد التحيقات المكثفة حول تلك القضية والاتهامات التى وُجهت الى جون الين  ، أعلن البنتاغون تبرئة الجنرال جون ألين قائد قوات حلف الناتو في أفغانستان من تهمة سوء السلوك التي وجهت اليه خلال التحقيق في فضيحة ديفيد بترايوس الذي استقال من منصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية بعد الكشف عن علاقة عاطفية أقامها خارج نطاق الزوجية.

الحكم بالسجن على ديفيد بترايوس :-

ولقد أعلن القضاء الامريكي بعد ذلك في عام 2015 الحكم بالسجن على الرئيس السابق لجهاز سي اي ايه دايفيد بترايوس سنتين مع وقف التنفيذ وغرامة 100 ألف دولار لكشفه معلومات مصنفة سرية جدا لعشيقته كاتبة سيرة حياته.

واقر بترايوس بالذنب أمام محكمة في كارولاينا الشمالية واعترف انه “سحب واحتفظ من دون إذن بمعلومات مصنفة سرية” وانه “كذب على مكتب التحقيقات الفدرالي اف بي اي وسي اي ايه ” حول حيازة والتلاعب بمعلومات مصنفة سرية”  ، فبذلك تجنب بترايوس محاكمة محرجة ووضع حدا لفضيحة هزت عالم الاستخبارات عام 2012 .

ترشيح ديفيد بترايوس لوزارة الخارجية :-

وبعد ذلك ونتهاء تلك القضية وردت انباء تشير الى أن ديفيد بترايوس مُرشح الى وزارة الخارجية الامريكية في حكومة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ، ولقد قال في ذلك مايك بنس نائب الرئيس الاميركي المنتخب ان الجنرال بترايوس هو بالفعل احد المرشحين لمنصب وزير الخارجية ، بالاضافة الى اخرين مثل رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني ، والمرشح السابق للرئاسة ميت رومني ، والسناتور بوب كوركر ، والسفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة جون بولتون.

وقال بنس عن الجنرال بترايوس «انه بطل اميركي ارتكب اخطاء ودفع ثمنها» مضيفا ان ترامب «سيأخذ كل ذلك في الاعتبار» لدى اتخاذه قراره.

ومع ان الجميع يعترفون بكفاءة وذكاء الجنرال الاميركي السابق فان صورته اهتزت كثيرا عندما كشف معلومات دفاعية سرية وقدم معلومات كاذبة.

وكان ادوارد سنودن اللاجئ في روسيا لكشفه معلومات عن برنامج المراقبة لوكالة الامن القومي الأميركية ، اعلن في مقابلة مع «ياهو نيوز» ان الجنرال بترايوس اعطى عشيقته معلومات «اكثر سرية» مما كشفه هو شخصيا ، ومع ذلك «لم يمض يوما واحدا في السجن .

ولقد كان ذلك هو ما ألت اليه تلك القضية ، الفضيحة والاستقالة ، ومن ثم الحكم بالسجن والغرامة ، وكذلك تشوية السمعة ، الى جانب المشكلات التى من الممكن ان يكون قد تسبب فيها بترايوس لبعضا من المقربين منه ، والذين من بينهما زوجته على سبيل المثال ، حتى وان حاول بترايوس النهوض بعد انقضاء القضية ، وتوقف الألسنة والصحف ووسائل الاعلام والقنوات عن تداول الفضيحة ، هل يمكنه النهوض مجددا ؟ ، هل يمكن للأذهان ان تنسى تلك الفضيحة ؟ أم أنه مع كل اشارة الى ديفيد بترايوس ستأتى تلك الاشارة مصحوبة بالاشارة الى تلك الفضيحة التى أُجبر بسببها على تقديم استقالته.

Leave A Comment