فضائح فساد كورونا

جائحة كورونا التي اهتز العالم لها ، والتى كانت تهدد أرواح الملايين ، بل حتى أنها حصدت أروح الملاييين ، هل هناك مجالا لأى قول أخر ، غير تلك الاحداث المؤلمة ، والتى انتزعت من أحبائنا ، الكثير ، أكاد أجزم ، ان تلك الجائحة وهذا الكوفيد ، لم يترك بيتا ، الا ودقه ، بل حتى انه لابد أنه انتزع منه عزيز ا ، فهل هناك مجالا ، لنتحدث سوى عن الموت الذي كانت رائحته تُحيطنا من كل مكان ، ولفترة طويلة ، قوضت فيها راحتنا ، واجتثت استقرارنا ، ودبت في قلوبنا الرعب والخوف؟

في الحقيقة انه لأمر مخجل ان أقول ، أن كل هذا الكم من الالم ، والحزن والفقد المرير الذي اختبرناه جميعا ، كان هناك أخرون ، لا يعيرون لتلك القضايا ، ولا لتلك المشاعر ، اهتماما ، او حتى يقيمون لها وزنا ، فكوفيد في الواقع كشف لنا ، عن أن حتى الموت لا يمكنه أن ينزع عنا الفساد ، ما دامت تلوثت به أيدينا طويلا.

هل كان عام 2020 عاما سيئا ؟

هل كان ذلك متعلقا بسبب تفشي جائحة كورونا فحسب ؟

في حقيقة الامر ان عام 2020 كانا عاما سيئا ، فيما يتعلق بمكافحة الفساد ، من الطراز الاول ، والذي يرجع جزء كبير منه الى تفشي وباء الكوفيد ، فلم تكن جائحة كورونا التى تفشت فى العالم باكمله ، أزمة صحية ، واقتصادية فحسب ، بل يمكننا ان نكللها بالفساد أيضا ، ولقد أثبت العالم فشله في التعامل مع الجائحة ، بل حتى لقد أثبت أنه غارقٌ في الفساد حد النخاع .

ولايمكننا أن ننكر أن الوباء يغذي الفساد ، حيث ان الأزمة الصحية تفرض المزيد من الضغوط على المؤسسات ، فبتالى ستصبح قدرتها أقل على مكافحة أعمال الفساد بفاعلية ، فإن الدول تركز جهودها عادة على الاستجابة السريعة لحالة طارئة مثل الوباء ، وذلك يفتح الباب أمام الفاسدين للاستفادة من الازمة .

ولقد كانت البلدان الضعيفة هى الأكثر تضررا من تلك الازمة ، وفي نطاق الفساد ، وكان ذلك لافتا للنظر بوجه خاص في البلدان التي ترسخ فيها المرض بالفعل ، ففى أمريكا الجنوبية ، وجد “المركز الأمريكي للعدالة الدولية” ، أن هناك شكوكا تدور حول حدوث فساد في منح العقود الحكومية لبرامج مكافحة الجائحة في 12 دولة ، حتى أنه فى الصومال أدين أربعة أعضاء في الحكومة ، باختلاس أموال كانت تهدف إلى تمويل الخطة الوطنية لمكافحة الجائحة.

 وتعتبر الصلة بين الفساد وجائحة كورونا في البلدان الضعيفة للغاية ، حلقة مفرغة ، لان الوباء يعزز الكثير من المخالفات ، التى تؤدى بالمقابل الى تفاقم آثار الازمة الصحية.

وفى واقع تقرير منظمة الشفافية الدولية ، ان قطاع الصحة هو أكثر القطاعات تضررا من زيادة الفساد ، فمما يستدعى الخجل والأمل ، ان الحصول على الرعاية ، أحيانا يتطلب دفع بعض الرشاوى.

ومثالا على ذلك أَجبر مستشفي في كينيا المرضى على شراء أقنعة واقية ، حتى يتمكنوا من الحصول على استشارة طبية ، كما أن هناك بعض الموردين عديمى الضمير سعوا عمدا الى رفع وزيادة تكاليف المعدات الطبية ، وذلك من شأنه ان يبطيء عملية توصيلها وتسليمها الى المستشفيات المحتاجة ، وفي ظل تلك الظروف السيئة ، أصبح الفساد عقبة إضافية في مكافحة الفيروس ، ومواجهة الأزمة .

ولكن هل نجت الدول الأفضل حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية ،  من فيروس الفساد ؟ في الواقع لا ، فإن الدول الأفضل ليست محصنة ضد فيروس الفساد ، خاصة في أوقات الازمات الصحية ، حتى فرنسا على سبيل المثال ، والتى تحتل المرتبة ال23 في ترتيب المنظمات غير الحكومية ، ولكن هذا لا يمنع من ان يكون تأثير الازمة الصحية فيها على الفساد حقيقيا ، حيث ظهر فيها هى الاخرى ، الفاسدين ومستغلى الازمات ، الذين حاولوا الاستفادة من الوضع عن طريق اختلاس الأقنعة أو المعدات الطبية.

فقد ضعفت الضمانات المعمول بها في فرنسا ضد الفساد ، وذلك بسبب الازمة  الصحية ، وذلك يعزز غموض عملية صنع القرار في فرنسا .

فضيحة الاتهامات لبولسونارو في البرازيل :-

ولقد شهدت عدة دول فضائح تتعلق بوباء كوفيد 19 ومن بينها البرازيل ، والتي اشتُبه في رئيسها جايير بولسونارو ، واتهامه بالتواطؤ ، حيث انه قصر في الابلاغ عن محاولة فساد داخل وزارة الصحة ، والتي تختص بشراء لقاحات مضادة لفيروس كورونا ، حيث ان ادارة استيراد المواد الطبية قامت بشراء ثلاثة ملايين جرعة من لقاح كوفاكسين بقيمة 45 مليون دولار ، ولم يتم تسليم اى لقاح ، حيث ان كوفاكسين في ذلك الحين لم يحصل على موافقة من السلطات الصحية ، وعندما علم الرئيس البرازيلى  جايير بولسونارو بالامر من خلال مسؤول في إدارة استيراد الموارد الطبية لم يحرك ساكنا.

ولقد أدلى هذا الموظف المسؤول بشهادته أمام مجلس الشيوخ ، حيث قال أنه نقل الأحداث الواقعة في إدارة الموارد الطبية الى  بولسونارو ، وان بولسونارو تعهد بأنه سيحيل الأمر إلى الشرطة الفدرالية ،  ولكنه لم يفعل ذلك ، مما دفع النيابة الى فتح التحقيق  ، وتوجيه اليه تهمة التقصير في القيام بواجبه.

فضائح العقود العامة في جنوب افريقيا ، وفساد الحكومات في افريقيا :-

وجاءت جنوب أفريقيا هى الأخرى على قائمة فاسدين جائحة كورونا ، حيث أنها ابرمت عقودا تبلغ قيمتها حوالى 820 مليون يورو ، وتتعلق تلك العقود الُمبرمة بمكافحة الوباء ، وتخضع تلك العقود والمتورطين فيها للتحقيق في الوقت الراهن.

وتم احالة قضايا لثلاث وستون موظف من الخدمة المدنية الى المدعى العام ، وتم ادراج الكثير من الشركات الي اللائحة السوداء ، ولن تتمكن من الحصول على عقود عامة بعد الان .

ولقد استهدفت التحقيقات  اثنين من أقارب وزير الصحة ، زويلي مخيزي ، والذي فُرض عليه التوقف عن العمل.

وسرقة اموال الدولة ليست ظاهرة جديدة في جنوب افريقيا ، حيث انه تعود تلك الفضائح المماثلة الى عهد الرئيس السابق جاكوب زوما ، لكن المخجل هو ان تتبخر الأموال المخصصة لمعدات الوقاية الشخصية والمساعدة في حالات الطوارئ ، وهو ما شكل صدمة الى العديد من مواطنى جنوب افريقيا ، ولقد أُطلق على هؤلاء الناهبين ، والفاسدين في تلك الجائحة ، لقب تُجار كوفيد.

ولقد نظم العاملون الصحيون احتجاجات في أماكن عملهم ، مع اعتصام خارج مكتب الرئيس سيريل رامافوزا في بريتوريا ، وذلك لتسليط الضوء على نقص الكمامات والأدوية الطبية ، وكذلك القفازات والنظارات الواقية للعاملين في الخطوط الأمامية.

وكشف إدوار كيسويتر رئيس مصلحة جباية الضرائب في البلاد الخميس أن 63 في المئة من المناقصات على معدات الحماية الشخصية التي منحت لم تكن متوافقة مع قوانين الضرائب وأن العديد من الشركات التي فازت بها ليس لديها خبرة في إمدادات معدات الوقاية الشخصية.

وفي شرق افريقيا ، انتشر العديد من الصور ، التى التقطها أطباء وممرضون ، لمعدات الوقاية الشخصية المعيبة التي وزعت على وحدات العناية المركزة في مستشفيات كينيا على نطاق واسع ، ما أدى إلى إحراج الحكومة.

وتخضع هيئة الإمدادات الطبية الكينية لتدقيق خاص، حيث انه يُتهم المسؤولون فيها بسرقة مبالغ ضخمة ، مخصصة لمعدات الحماية الشخصية .

وأفاد تحقيق تلفزيونى تحت عنوان مليونيرات كوفيد ، والذي كان سباقا في كشف هذه المعلومات، التى تشير الى انه لا يستطيع المحققون العثور على 64 مليون دولار ، أن السرقة أكبر من ذلك المبلغ بكثير ، وقدره بحوالى 400 مليون دولار.

وفي أوغندا ، هناك أربعة من المسؤولين الحكوميين ، الذين يواجهون السجن بتهمة اختلاس حوالى نصف مليون دولار ، من برنامج الإغاثة الغذائية ، المخصص للفئات الأضعف خلال الوباء.

ولقد سُجلت محادثة بين سفيرة أوغندا لدى الدنمارك ونائبها ، بالتخطيط لسرقة أموال مخصصة للوباء ، وتعهدت الحكومة بإجراء تحقيق.

وفى الصومال ، أُدين تسعة مسؤولين في الوزارة بإساءة استخدام الأموال ، وحُكم عليهم بالسجن لمدد تراوح بين ثلاث وثماني سنوات.

وفي وسط افريقيا ، نجد أن رئيس وزراء جمهورية الكونغو الديموقراطية سيلفستر إيلونغا إلونكامبا ، قد اعلن أنه خصص 10,7 ملايين دولار لمكافحة الفيروس ، لكن بعد شهر من ذلك ، قال جان جاك مويمبي المدير العام للمعهد الوطني للبحوث الطبية الحيوية ، انه تلقى فقط 1,4 مليون دولار من الحكومة.

ومن تلك التصريحات ، والتقارير ، وحتى الاعترافات التى تلت ذلك في التحقيقات يتضح لنا أن أزمة كورونا ، والجائحة التى كان يعانى منها العالم أجمع ، كانت مرتعا للفساد في أفريقيا ، والتى لم تعر للأرواح التى فقدت أى اهتمام ، ولكن الثراء ، واستغلال الازمات ، كان هدفا أسمى ، وضعه الفاسدون ، والمسؤولون الخائنون ، نصب أعينهم.

 فضيحة “فاكوناجيت” في البيرو :-

ولقد ماجت أركان البيرو بسبب فضيحة فاكوناجيت ، والتى كانت ترتبط بالتطيعم ضد كوفيد ، وأدت تلك الفضيحة ، والأحداث الى اهتزت لها البيرو ، الى استقالة وزير الصحة ووزير الخارجية .

حيث انه قد تم تطعيم ما يقرب من ال 500 شخص من دون حق ، وذلك قبل بدء الحملة الوطنية بالعاملين الصحيين.

ومن بين الذين تم تطعيمهم ، الرئيس السابق مارتن فيزكارا ، والذي تلقى لقاحا ، بناءا على طلبه ، في أكتوبر عام  2020  ، وذلك ما أدلى به طبيب قاد التجربة السريرية للقاح الصيني “سينوفارم” في البيرو ، وبالرغم من ذلك لقد أُصيب فيزكارا بالفيروس في ابريل 2021.

فضيحة “تطعيم خاص بكبار الشخصيات” في الأرجنتين والإكوادور :-

وفي الأرجنتين تم الكشف عن فضيحة تطعيم كبار الشخصيات ، وذلك في فبراير 2021  ، والتى تضمنت أن وزير الصحة خينيس جونزاليس غارسيا ، عرض على أصدقائه تلقي اللقاح في الوزارة بدون تحديد موعد مع المستشفى ، وبعد الكشف عن ذلك ، أُجبر غارسيا على الاستقالة .

ولقد أصدرت السلطات لائحة تضم سبعين شخصا تلقوا اللقاح خارج الأطر النظامية ، وذلك بالرغم من انهم لم يكونوا من الفئات التى تحتل اولوية في ذلك الوقت ،  وبين هؤلاء الذين تصدروا اللائحة ، وزير الاقتصاد والرئيس السابق إدواردو دوهالدي وزوجته وأبناؤهما

وعلى غرار نفس الخطوات سار وزير الصحة في الاكوادور خوان كارلوس زيفالوس ، حيث انه تورط في فضيحة ترتبط بتطعيم أشخاصا من أفراد عائلته ، بالرغم من انهم غير مدرجين في فئة الاولويات.

التمييز في عمليات اللقاح

تمييز في عملية التلقيح في رومانيا :-

و نشرت الحكومة الرومانية بيانات تشير الى ان التمييز تخلل عمليات التطعيم ضد كوفيد ، حيث ان البيانات أشارت الى ان هناك العديد من الاشخاص الذين ينتمون للفئتين الاولى والثانية قد تلقوا اللقاحات.

ولقد أثارت تلك البيانات جدلا واسعا في البلاد ،  والتى تعتبر من أكثر البلدان الأوروبية فسادا ، فدفع ذلك برئيس الوزراء ، فلورين كيتسو ، بأن طالب الجهات المعنية ، بفتح التحقيق في تلك المسألة.

ولقد كانت الفئتين الاولى والثانية ، اللذين من المفترض ان يتلقوا اللقاح في البداية ، والذين من بينهم القطاع الطبي وكبار السن فقطن الا ان 15 % من الذين تم تطعيمهم لم يكونوا من بين هاتين الفئتين.

ولقد قال فاليريو جيورجيتا، منسق حملة التطعيم الوطنية ، في محاولة لشرح ما حدث ، او حتى تبريره ، أن بعض الاشخاص كانوا معرضين لأخطارا معينة ، ولم يكونوا ضمن الفئتين الاولين ، تلقوا جرعة من اللقاح ، ولكن وزير الصحة ،  فلاد فويتشلشو ، دعا الى المزيد من الشفافية ، ورجح أنه قد يكون هناك أخطاءا شابت البيانات .

وأوضحت البيانات أن هناك 106 اشخاص من بين 849 شخصا ، تلقوا اللقاح في مدرسة غرب  البلاد ، والذين لم يكونوا من بين الفئتين الأولى والثانية ، ولكن الشرطة المحلية ، بررت ذلك بان هؤلاء الاشخاص كانوا من المدرسين ، ولم يأخذوا موعدا عبر المنصة الرسمية ، كما فعل الاخرون ،

ولقد أكد جيورجيتا منسق حملة التطعيم الوطنية ، أنه بجانب هؤلاء المدرسين ، لقد تلقى اللقاح أشخاصا مشردون ، وأخرون أتوا من مراكز اجتماعية ، وغيرهم ممن يعانون من مشاكل طبية مزمنة ، وكان ذلك في مطالبة منه بتوضيح الصورة ، حتى لا يظن البعض ، ان الغير مسجلين ممن تلقوا اللقاح مدعومون  ، ولكن وزير الصحة ، كان من رأيه ، أنه ليس هناك من سبب على وجه الأرض ، يمنع من نشر البيانات التى تتعلق باللقاحات ، حيث أن اخفاءها سيضر بشدة بعملية الديمقراطية وسيرها في البلاد.

ولقد فرضت جائحة كورونا على الجميع  حالة طواريء لا تنتهى ، وتلعب الحكومات في جميع أنحاء العالم ، دورا هاما في ادارة حالة الطواريء من خلال مجموعة من التدابير ، والتى منها توفير المعدات الطبية ، واستيراد الكمامات ، وتوفير اللقاحات ، بالاضافة الى جمع حزم المساعدات وتوزيعها ، ويقول المدير الادراي في منظمة الشفافية الدولية ، دانيال إريكسون ، انه ولسوء الحظ ، شكل الوباء فرصة مناسة للحكومات الفاسدة .

في فترة جائحة كورونا ، نخر الفساد ثلثى دول العالم ، فلقد كانت عمليات شراء الاجهزة ، والاقنعة الطبية على وجه الخصوص ، لا تتم بصورة شفافة ، من قبل الحكومات الاستبدادية ، وذلك الغموض الذي يطغى على هذه العمليات ، يجعلها جذابة ومُغرية ، حيث انه عن طريقها يستطيع المرء الاختلاس ،  ودس الاموال في جيبه ، من أجل اثراء نفسه ، وذلك على حساب الأخرين .

وفي عام 2020 لقد حققت ثلثى دول العالم أعلى معدلات الفساد ، كمان ان تقرير منظمة الشفافية الدولية ، يشير الى ان الدول التى جاءت في مقدمة القائمة ، والتى حققت اقل معدلات في الفساد ، كانت تحمل على عاتقها ، مسؤلية فساد الدول التى جاءت في نهاية القائمة.

ويعتمد مؤشر الشفافية على مسح وتقييم خبراء متخصيين ، ويرصد أيضا مدى انتشار الرشوة والاختلاس ، والمحسوبية في تلك البلدان المعنية ، ويرصد ايضا اذا كان هناك قوانين مُشرعة لمكافحة الفساد ، وما اذا كان يتم تطبيقها ام لا .

وحسب التقارير ، ووفقا للترتيب الذي تضمنته ، ان الدنمارك ونيوزلندا ، على اعلى درجة في البلاد التى يقل فيها الفساد ، وتليها فنلندا وسنغافورة والسويد وسويسرا ، كما أن المانيا تحتل المركز الثامن في هذا الترتيب.

كما أن الصورة تبدو قاتمة ، في بلدان مثل الصومال وجنوب السودان ، حيث ان الفساد يتفشى فيها بشدة ، وفقا لتقرير المنظمة ، والوضع مماثل أيضا ، في فنزويلا واليمن وسوريا ، وتتابع منظمة الشفافية الدولية ، معدلات هذه البلدان منذ عام 2004 ، اى قبل جائحة كورونا بكثير.

وفى هذا الصدد يقول اريكسون أنه في بعض البلدان ، الوضع يتحسن باستمرار في السنوات الأخيرة ، وأشار الى ان هذا ما حدث في اليونان وميانمار والإكوادور ، واستطرد قائلا ، أن العكس ههو الصحيح تماما ، في لبنان  وملاوى ، والبوسنة  والهرسك .

وبشكل عام ، فإن ذلك يظهر انه كلما كانت المجتمعات أكثر ديمقراطية ، وانفتاحا وشفافية ، كلما ازدادت قدرتها على مكافحة الفساد ، وهناك بعض الدول ، تعمل على تقويض حرية التعبير ، وتتجاهل حقوق الانسان ، وذلك من شأنه أن يُضر بقدرتها على مكافحة الفساد.

وتبعا لمنظمة الشفافية الدولية ، فإن دول أفريقيا جنوب الصحراء ، تأتى في المتربة الأسوأ على مستوى العالم  ، ويعتمد مؤشر الفساد على بيانات تم تجميعها ، منذ عام 2004 ، حيث ان المنظمة تسعى الى كشف الفساد والمحسوبية في جميع انحاء العالم ، ويقول اريكسون ، نحن نريد تحقيق  التغيير ، والمنظمة تتواجد في حوالى مائة دولة حول العالم ، وهم يعملون حاليا على خطة مدتها عشر سنوات ، والتى يجب ان تعمل فيها التكنولوجيا دورا.

وتقوم هذه التكنلوجيا على نظام الند للند ، أى انه يتم إجراء المعاملات بين مستخدمى هذه التكنولوجيا ، وبدون أى وسيط ، ويرى اريكسون انه يمكن استخدام هذه التكنولوجيا ، من أجل جعل المجتمعات أكثر قدرة على مكافحة الفساد ، لكن وللأسف من الممكن أن تستخدم الأنظمة الاستبدادية في هذه المجتمعات ، نفس التكنولوجيا ، من أجل اثراء نفسها بشكل أكبر.

ولقد قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، تيدروس أدهانوم غيبريسوس ، أنه يعتبر بالنسبة اليه ، ووفقا لمبادئه العامة ، أن الفساد المرتبط بمعدات الوقاية الشخصية التي من شأنها إنقاذ الأرواح ، جريمة قتل .

وأضاف الى ذلك قائلا ، انه إذا عمل العاملون الصحيون بدون معدات الوقاية الشخصية ، فإننا نضع حياتهم بخطر ، كما ان ذلك أيضا يهدد حياة الاشخاص الذين يخدمونهم .

ولقد قال جون نكينغاسونغ رئيس مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا ، أن اختلاس الاموال التى تهدف الى إنقاذ الأرواح ، هى قضية حقوق انسان ، يجب ادانتها والمعاقبة عليها.

وتقول منظمات المجتمع المدنى ، أن الأزمة المالية المرتبطة بالوباء منتشرة على نطاق واسع ، ولقد أوضح ديفيد لويس مدير منظمة “كورابشن واتش” لوكالة فرانس برس ، أن الفساد متجذر بعمق ، وتابع قائلا ، أنه خلال فترة الحرب ، كان الأشخاص الذين يُقبض عليهم ، وهم يستفيدون منها ، يُعدمون ، حيث ان ذلك الأمر كان بمثابة الخيانة.

Leave A Comment