فضيحة كوبي ستيل
في فضيحة من الفضائح المثيرة للجدل ، نجد كوبي ستيل التى كانت تتربع على عرش الصناعة اليابانية ، تواجه فضيحة من طراز مختلف تتعلق بغش في المواصفات الفنية لمنتجاتها ، وتزوير في البيانات الخاصة بالشركة ، وفضائح تتعلق بما شابه على مر العقود ، وهذا ما أخذ بشركة كوبي ستيل ، وهوى به الى الحضيض ، وأخذت تحاول أن تخلص نفسها من مخالب الافلاس ، وأن تستعيد الثقة وتبثها من جديد في نفوس عملائها ، الا أن تلك الفضيحة التى استمرت لعقود ، لن تنتهى هكذا ، من دون مآساة ، وهذا ما سنتعرف عليه بالتفصيل في تلك القضية المثيرة للجدل .
التعريف بكوبي ستيل :-
وتعد كوبي ستيل شركة يابانية كبرى لتصنيع الفولاذ ، تأسست منذ أكثر من مائة عام ، كلأكثر من مائة عام ، وتمتلك كوبي ستيل أقل نسبة من عمليات الفولاذ مقارنة بأي شركة تصنيع فولاذ رئيسية في اليابان وتتميز بأنها تكتل يضم الأركان الثلاثة لقسم المواد وقسم الآلات وقسم الطاقة .
وفى عام 2018 ، أقرت كوبي ستيل ثالث أكبر شركة لإنتاج الصلب في اليابان ، بأنها ظلت تتلاعب في بيانات الشركة على مدار ما يقرب من خمسة عقود ، وبعد تسليط الضوء على التحديات التى تواجهها الشركة ، تم الكشف عن قضايا غش جديدة تمارسها الشركة ، وان الشركة غارقة في إخفاقات تتعلق بالامتثال وارتكاب أعمال مخالفة للقانون .
وعلى اثر ذلك أعلن الرئيس التنفيذي للشركة أنه سيتنحى عن منصبه متحملا المسؤولية عن فضيحة التلاعب الواسعة النطاق .
أفعال الشركة :-
ولقد اعترفت كوبي ستيل ، – والتى تقوم بتوريد قطاعات الصلب إلى شركات صناعة السيارات والطائرات والقطارات في أنحاء متعددة من العالم – ، بانها قامت بتوريد منتجات بمواصفات غير صحيحة إلى نحو 500 عميل ، مما أحدث حالة بلبلة في قطاع سلاسل الإمداد العالمي .
وأضافت الشركة ايضا ، انها أجرت تحقيقا من خلال لجنة خارجية ، واستمر التحقيق أربعة أشهر ، لتخرج نتائجه مشيرة الى أن هناك قضايا جديدة تتعلق بعدم الملاءمة ، وهو ما من شأنه أن يزيد إجمالي عدد العملاء المتأثرين إلى 605 عملاء بما في ذلك 222 عميلا في الخارج.
وهو ما دفع الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة الذي أشرنا الى استقالته من قبل هيرويا كاواساكي للقول ، بأنه يشعر بمسؤولية ثقيلة ، إذ تسبب التلاعب في مشكلات للعديد من العملاء ، ومن ثم قدم استقالته بعد ذلك مباشرةً .
ولقد كانت الشركة تمارس الافعال الغير قانونية على نطاق واسع ، وذلك بمعرفة ومشاركة العديد من داخل ادارة الشركة ، ومن ثم أعلنت كوبي ستيل عن استقالة نائب الرئيس التنفيذي أكيرا كانيكو ، والى جانب خفض مؤقت في رواتب ما يصل الى 80 في المائة من جميع المديرين والمسؤولين التنفيذيين في الشركة.
ولقد بدا هذا الغش في بيانات الشركة منذ وقت طويل ، وذلك بناءً على شهادة مصادر متعددة أجرى معها فريق التحقيق الخارجي مقابلات ، ومن بين تلك الفضائح التى ترتبط بتاريخ كوبي ستيل التلاعب في عطاء لمشروع جسر في عام 2005 ، وعدم الإفصاح عند دخلها الحقيقي لسلطات الضرائب في أعوام 2008 و2011 و2013 ، بالاضافة الى تزييف بيانات انبعاثات في 2006.
كما انها قامت بتمويل سياسي غير قانوني لمرشحين في الانتخابات المحلية في عام 2009 ، وهو ما نتج عنه استقالة الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة الشركة في ذلك الوقت .
ولقد كشفت الشركة بعد ذلك عن التلاعب بمجموعة أخرى من البيانات الخاصة بمواصفات منتجاتها ، قائلة إنها توصلت لحالة تلاعب جديدة في وحدة معالجة ألواح الصلب ، كما أن التحقيقات الداخلية توصلت إلى عدم إبلاغ الموظفين بوجود بيانات زائفة في الوحدة ، فلذلك أعلنت عن أنها تخطط لإنشاء فريق من المحققين المستقلين ؛ للنظر في فضيحة التلاعب بالبيانات التي كشفت عنها.
وبعد أن أعلنت الشركة عن إضافة منتجات جديدة إلى قائمة منتجاتها غير المطابقة للمواصفات التي سوقتها لشركات منها بوينج وتويوتا ونيسان ، أسفر ذلك عن مسارعة شركات السيارات للتحري عن الطرازات التي دخلت تلك المعادن في تصنيعها لاستدعائها ، ونتج عنه هبوط سهم كوبي ستيل إلى 878 ينا مسجلاً خسائر 40% منذ بداية الأزمة ، وارتفعت تكاليف التأمين على سندات الشركة أربعة أضعاف في يومين وسط مخاوف من إفلاسها ، ولقد اعترفت الشركة أيضا بأنها وردت 20 ألف طن من المعادن المغشوشة لأكثر من 200 من عملائها.
ولقد قامت وزارة الإنصاف الامريكية بإجراء استجوابات مع المؤسسة ، ولذا يدل أنها ما تزال تجابه مجازفات تشريعية ومالية.
ولقد هبط سهم كوبي ستيل للصلب 1.5 بالمئة ، خاصة بعدما اعلنت الشركة عن أنه تم سحب رخصة معايير صناعية يابانية لبعض منتجاتها في مصنع هاتانو القريب من طوكيو بسبب فضيحة تزوير البيانات.
ولقد ربط محققون بين فضيحة الغش هذه وبين ما أعلنته شركة نيسان ، عن سحب سيارات من السوق ، بعد فضائح تتعلق بجودة ومتانة السيارات المباعة ، حيث أن شركة نيسان اليابانية للسيارات قد أعلنت سحب 1.21 مليون سيارة من اليابان ، بعدما تبين أنها لم تخضع للمعاينة ، طبقاً للقواعد المطلوبة في السوق اليابانية ، وقال رئيس الشركة هيروتو سايكاوا ، خلال مؤتمر صحافي ، في مقر المجموعة في يوكوهاما بضاحية طوكيو إنها مشكلة في غاية الخطورة ، حيث أن كبار المستوردين تعرضوا لعمليات غش ، منها شركات السيارات في اليابان.
وبدلا من أن يقوم مفتشون معتمدون رسمياً بالعمل ، قام بالعمل معاونوهم ، ولقد قدر سايكاوا تكلفة عملية سحب السيارات بـ25 مليار ين ، أى بما يعادل 222 مليون يورو.
ولقد تسببت فضيحة شركة كوبي ستيل في إثارة المخاوف والشكوك ، حول آليات التصنيع في اليابان ، والذي يعتبر رائداً في مجال الصناعة ، وقالت الشركة إن المنتجات غير المطابقة ، تم تسليمها إلى أكثر من 200 شركة ، ولكن لم تكشف عن أسماء العملاء ، وتعتبر هذه القضية من أبرز القضايا التي يعاقب عليها القانون الياباني ، كونها تتعلق بمعايير الجودة.تعتبر فضيحة شركة كوبي ستيل ، فضيحة هزت عرش الصناعة اليابانية ، تلك الفضيحة التى لم تنل من سمعة الشركة ، وتسببت في خسارتها مبالغ تقدر بالملايين ، كادت قودها الى الافلاس فحسب ، بل حتى انها تسببت في خسارة الملايين لعديد من الشركات التى وردت اليها تلك المواد المغشوشة ، والغير مطابقة للمواصفات الفنية ، تلك الجريمة التى ظلت تُمارس داخل كوبي ستيل ، لمدة خمسون عاما ، والى انكشقت ، وتردد صداها في جميع انحاء العالم ، حتى فقدت الشركة مصداقيتها لدى جميع المستوردين في مختلف أنحاء العالم .