فضيحة قبة ابريق الشاى

دائمًا ما يكون الجشع والشهوة هما السبب وراء الفضائح السياسية ، ومما لا شكك فيه أن تلك الفضائح تترك أثرا عميقا  في تاريخ الامم ، وكانت فضيحة قبة ابريق الشاى ، والتي ارتبطت باسم الرئيس الأمريكي وارين ج. هاردنغ الرئيس التاسع والعشرين للولايات المتحدة  ، والذي كان معروفا عنه أنه لم يكن يحسن اختيار اصدقائه ، الى جانب أن جميع الحلفاء والسياسيين في حكومته كانوا مجموعة من الانتهازيين قاموا باستغلاله حتى يتمكنوا من الصعود للسلطة على حسابه ، وتمكنوا من الوظائف سياسية ومناصب هامة جدًا ، وكانت تلك الفضيحة التي تورط فيها الرئيس هاردنغ ، كان المتسبب فيها وزير داخلتيه ألبرت فال .

ولقد صدمت تلك الفضيحة الامريكيين في القرن العشرين ، حيث انها كشفت عن مستوى غير مسبوق من الجشع والفساد داخل الحكومة الفيدرالية ، ولكن الجشع والفساد لا يدوم طويلا ، وتنكشف تلك الفضيحة ويُحاكم من كان متسببا فيها ، فدائما ما يكون للحق صوتا مسموع ، ومهما طال أمد الفساد فيظل هناك املا في أن ينقضي .

أحداث فضيحة قبة ابريق الشاى :-

فضيحة تى بوت دوم ، هي فضيحة رشوة لم يسبق لها مثيل ولقد حدثت في فترة تولى وارين جى هاردينغ رئاسة الولايات المتحدة الامريكية ، وتورطت فيها ادارته ، ولقد حدثت قبل فضيحة ووترغيت ، وتعتبر تلك الفضيحة الاكثر اثارة في تاريخ السياسة الامريكية ، والتي كانت فيما بعد عاملا أساسيا في تشويه سمعة الرئيس الذي توفي في مكتبه على إثر ذلك في عام 1923 ، وباستثناء فضيحة ووترغيت لم تكن هناك فضيحة أكثر وضوحا وذات تداعيات أوسع من قضية تي بوت دوم.

اذا ما هي فضيحة تى بوت دوم ؟

تي بوت دوم هو حقل نفط يوجد في الاراضي العامة في الولايات المتحدة الامريكية ، ويقع في منطقة تعرف باسم وايومنغ ، وترجع تسميته بهذاا الاسم الى ان القباب هي مكامن طبيعية للنفط الخام ، فسميت على اسم صخرة تشبة اوانى المطبخ ، وبدات القصة من  التأجير السري لشركات خاصة للأراضي الحاملة للنفط المملوكة للبحرية ، ولا سيما في وايومنغ وكاليفورنيا.

ولأسرد عليك مشاهدى العزيز قصة قبة الشاي ، عليك ان تعرف في البداية ما هي قصة حقول النفط في ولاية كاليفورنيا ، إن حقول النفط في تلك المنطقة تقع على أراضي عامة في الولايات المتحدة الأمريكية والمخصصة فقط للاستخدام في حالات الطوارئ من قبل البحرية الأمريكية عند تقلص امددادت النفط العادية ، ولكن العديد من رجال السياسة ، والمهتمين بمصالح النفط عارضوا تلك القيود المفروضة على حقول النفط ، مبررين ذلك بأن  الاحتياطات لست ضرورية ، وان شركات النفط الكبيرة سوف تعمل على  توفيره في حال تقلصه.

وجاء السناتور ألبرت ب. فال وزير داخلية هاردينغ بمعارضة تلك السياسة ، وكان السناتور ألبرت يعد من أبرز  المعارضين ، فلذلك قام بالتواطؤ مع وزير البحرية إدوارد دينبي وآخرين – لتأجير القباب إلى مستخرجين من القطاع الخاص ، وقدم المستأجرين هدايا و قروض ، بلغت نحو 400 الف دولار ، وكان يعد مبلغا بل ثروة ضخمة في تلك الاثناء.

ولقد كان السناتور ألبرت يعمل على ذلك من اجل خدمة حلفاءوه السياسيون ، الذين ضمنو انتخابه في مجلس الشيوخ ، ولقد عرفوا فيما بعد بعصابة أوهايو ، وهم من تمكنوا من اقناع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية هاريندغ ، أن ألبرت فال يستحق أن يكون وزيرا للداخلية ، وهو ما حدث بالفعل .

وبينما كانت الاحتياطات النفطية لا تزال في قبضة وزير البحرية الامريكي القاضي أدوين دنبي ، تمكن ألبرت فال من إقناع دنبي بإعطاء وزارة الداخلية ولاية تامة على احتياطات النفط ، وعندما اصبح البرت فال وزيرا للداخلية ، قام  بتأجير النفط لهاري سنكلر صاحب مؤسسة ماموث أويل ، والتابعة للمؤسسة الأصلية سنكلير أويل بدون تقديم عرض تنافسي.

وفي نفس الوقت ، قام ألبرت فال بتأجير كل من مصادر النفط الاحتياطية في تلال إيلك لإدوارد دوهيني مقابل قروض شخصية بدون أي فوائد ، كما ان البرت حصل على العديد من الهدايا من قبل رجال النفط ، وتلك الهدايا بلغت بما يعادل اربعة ملايين دولار في الوقت الحالى ، ولقد كان التأجير مسموحا به وفقا لقانون تأجير المعادن الصادر في عام 1920 ، فلم تكن عقود الايجار هي الممنوعة ، بينما الرشوة وتبادل الاموال والمصالح هو الذي كان مخالفا للقانون ، وكان البرت فال يود ألا ينكشف هذا السر ، بينما ثرائه المفاجيء هو الذي اثار حوله الشكوك.

واصبح الامر مثير للتساؤلات والشكوك ولتحقيقات مجلس الشيوخ الامريكي ، والذي أجراه توماس والش ، حيث انه بعد الكثير من المراوغة من قبل المدعى العام -هاري إم دوجيرتي ،  تم تقديم البرت فال إلى العدالة والتحقيق ، ولقد أسفر هذا التحقيق عن عقوبات جنائية ، ووجه الى البرت فال تهمة التآمر وقبول الرشوة ، فحكم عليه بالسجن لمدةعام ، وغرامة قدرها مائة الف دولار ، كان ذلك في عام 1929، وتورط في القضية العديد من المسؤولين ، واستقال دوجيرتي ،  وتمت تبرئة كلا من دوهيني وهاري سنكلير ، الا انه فيما بعد حكم على هارى سنكلير بالسجن والغرامة بسبب احتقاره مجلس الشيوخ ، وتوظيف محققين لتضليل أعضاء هئية المحلفين والتلاعب بهم فيما يخص قضيته ، وعندما توفي هاردينغ في عام 1923 ، خلفه كالفن كوليدج وتلاشى الغضب العام ، ويتصرف كوليدج بشكل حاسم ، كما انه يعين مدعين عامين تحت اشرافه الشخصي من اجل الحفاظ على حماية مصالح الحكومة ، ولقد ألغت المحكمة العليا عقود الإيجار ، وتمت استعادة حقول النفط لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال قرار المحكمة العليا ، ولقد فشل الديمقراطيون في الاستفادة من الصفقة وخسروا الانتخابات الرئاسية .

وفي نهاية المطاف تم استغلال جميع احتياطيات النفط البحري في وقت لاحق للإنتاج الكامل خلال أزمة الطاقة في السبعينيات ، وفي عام 1995 في عهد الرئيس بيل كلينتون ، أذن الكونجرس ببيع موقع نفط يدفع أعلى سعر في محاولة أوسع لتحويل بعض الأدوار الفيدرالية إلى الصناعة الخاصة ، وبحلول عام 1998 ، استحوذت شركة أوكسيدنتال بتروليوم على إنتاج النفط في الموقع ، وفي يناير 2015 ، باعت وزارة الطاقة الأمريكية احتياطي تي بوت دوم سيء السمعة ، بعد إجراء عملية مناقصة تنافسية .

وتلك الفضيحة التي كانت تعد أكثر فضائح الفساد في الولايات الأمريكية ، جعلت السلطات والحكومات تتحرى الدقة جيدا لمن يتولى المناصب السياسية فيما بعد ، فلقد كانت تلك الفضيحة أكبر فضائح الرشوة التي مرت على التاريخ الامريكي ، واستنزفت ثروات النفط الذي هو ملكا لجميع المواطنين الامريكيين ، لصالح مجموعات صغيرة جدا من تجار النفط ، والاستفادة من عائدات النفط ، كانت تدخل خزئانهم هم فقط ، وخزائن المسؤوليين المرتشين ذوى المناصب العليا ، ممن سهلوا وأجروا حقول النفط مستغلين مقاعدهم ومناصبهم السياسية.

Leave A Comment