تمرد قوات فاغنر الروسية وسر خدعة بوتين

تمرد قوات فاغنر الروسية وسر خدعة بوتين

“خيارٌ هائل للغاية، لقد ألغى سيطرة بوتين على السلطات المركزية وفاجئ موسكو” بهذه الكلمات علّقت أوكرانيا على أفعال يفيغيني بريغوزين قائد قوات فاغنر المقاتلة، التي سبق وكانت تتبع روسيا قبل إعلانها التمرٌد.

ليخرُج قيصر روسيا، مُفاجئًا شعبه، بتعرُض البلاد للخيانة الداخلية التي ضربت الدب الروسي إذ هرع لإلقاء خطاب الأول من نوعه في العالم، مُتحدِثًا عن خيانة قائد مجموعة فاغنر ليصير الشأن الروسي الداخلي على صفيحٍ ساخن،

كلٌ يضرب بمعوله لإسقاط روسيا التي باتت بلا خياراتٍ، ولكن دعوّنا نرصُد الموقف مُنذ البدايةِ في تسلسُل زمني يكشف علاقة سيد الكرملين بطباخه المُفضّل.

قائد فاغنر من هو ؟

بدأت العلاقة بين الرئيس الروسي الحالي فلادمير بوتين ورجل الأعمال يفيغيني بريغوزين

الذي عُرِف بحليفِ بوتين، بعدما أُلتقِط  صورًا له، وهو يعد الطعام للرئيس الروسي لتترصَّد به عيون الكاميرات وأقلام الصُحف وسرعان ما وقع في فخ كشف الحقائق بعدما وجِهت إليه العديد من الاتهامات بكوّنه ذراع بوتين الأيمن، إلا أنه كان دومًا يُحفظ ماء وجهه، ويبتعد عن المشهد.

ولكن سرعان ما وقع في قبضة الإعلان عن توقيعه عقود مع المؤسسات الحكومية بأموالاً طائلة قُدِرت قيمتها بثلاث مليارا دولارًا.

ومن بعدها تم الكشف عن الأيادي الخفية لروسيا التي تدخلت في الانتخابات الأمريكية، بمُساعدة يفغيني، وتوالت المهامات.

لتبدأ سلسلة من التساؤلات حول هوية طباخ بوتين الذي أحبه وارتكن إليه في تنفيذ أدق العمليات وأكثرها خطورة.

هنا ذكرت صحيفة the guardian ملامح شخصية يفغيني، في إشارةٍ إلى قسوته، وعنفه، وما أُدين فيه من عملياتٍ للسطو وذلك بحلول عام 1980م.

فضلاً عن تمضيته فترة عقوبة بالسِجنِ؛ وهو في العشرينات من عمره.

وسرعان ما سعى يفغيني لبناء ثروته، إذ استطاع تحقيقها بالفِعل من خلال بناء كشكٍ للوجبات السريعة،

ومن بعدها تمكَّن من تحقيق الثراء، وأصبح مالكًا لأشهر سلسلة مطاعم، ليتردَّد عليها شخصياتٍ هم الأبرز في العالم، جاء من بينها الرئيس الروسي، فلادمير بوتين.

حتى ربطت بينهما علاقةً فريدةً من نوعِها؛ جعلت منهما صديقين مُقربين، وحلفاء في الخطأ والصواب.

ولكن لم يتوانى عن تقديم الطعام لعددٍ من الأمراء وحتى رؤساء العالم الذي جاء من بينهم؛ الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، بالإضافة إلى الملك تشارلز حين كان مازال أميرًا.

جيش يفغيني من المرتزقة

ولكن متى حاز طباخ بوتين على كل هذه الأهمية في ساحِة القِتال؟ إذ يُعزى الفضل إلى جيشه المكوّن من قوات المرتزقة، والذي اعتمد عليه في تحقيق أهداف بوتين، وكانت أول ضربة له، حين أراد قيصر روسيا، التدخُل الحاسم في سوريا.

حينها أثبت يفغيني قوة جيشه، بدعمٍ من العتاد الروسي، ووزارة الدفاع الروسية بشكلٍ مُباشر، فقد استطاع تعزيز موقف الرئيس بشار الأسد، في سوريا.

هنا اشتعل فتيل الأزمة في الشأن الداخلي الروسي، حين شعر جنرالات الجيش بالقلق وطالبوا بمنع تقديم الدعم المادي؛ فضلاً عن الحدِّ من تزويد الجيش الروسي من المُرتزقة بالعتاد، ليسوّد المشهد الارتباك، وتنشق الآراء.

يفغيني وبوتين حلفاء ضد أوكرانيا

ولم تكٌن هذه المرة الأولى التي يطلٌب بوتين من يفغيني القيام بمهماتٍ قتالية لصالح روسيا، فسرعان ما استعان بقوات المرتزقة، التابعة ليفغيني، بحلول عام 2022 م، وذلك بالتدخُل في أوكرانيا،

وربما سبق هذا تدخُل جنوده في اشتباكاتٍ وربما صراعاتٍ لم يتم الكشف عنها؛ حتى تدفقت قواته في أرض أرتيموفسك لتشهد معركةً حاسمة، حتى تشرَّبت الأرض بالدماءِ وصارت تُعرَّف بأرضِ مفرمة اللحم.

الخلاف الأول بين بوتين وقائد مجموعة فاغنر

وهنا دبّ الخِلاف الدامي، واشتدَّ الصراع بين بوتين، وطباخه الأول والأقرب إليه؛ ليتبيّن صِدق المقولة التي تقول ” تحوّل الصديق إلى عدوٍ، ربما لإنه كان في المقام الأول حاقدًا”

حيث فقد قائد فاغنر السيطرة على هجمات كييف المضادة، وذلك بعد نفاذ مُعداته وأسلحته وذلك بعدما توقَّف تدفُقها من وزارة الدفاع الروسية إلي مُقاتلي يفغيني، وسرعان ما ظهر في بثٍّ مُباشر مُتطاولاً على وزير الدفاع سيرغي شويغو، موجهًا إليه الإهانات، أثناء وقوفه بين جُثث مُقاتليه في الأرض.

كما تجاوز على القيادات العسكرية، واصفًا تصرفاتهم بالشرِ، مما دعا جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إلى وصف أفعاله بالتمرٌد المُسلح.

موجهين إليه التهم برفِع قضية جنائية إزاء أفعالة التي وصفها البعض بالمُشينةٍ.

هجوم قوات فاغنر المسلح على موسكو

حتى اندلعت أزمة جديدة بين بوتين وقائد قوات فاغنر المقاتلة، وذلك حين سيطر يفغيني بقواته على المنشآت العسكرية وعددًا من المناطق الحيوية، الواقعة جنوبي موسكو، وتحديدًا في مدينة فورونيج التي تقع على بُعد 500 كليومترا من العاصمة الروسية.

ولك يتوقف الأمر عند هذا الحد ّ، بل  واصِل قائد فاغنر التصعيد ضد الرئيس الروسي، فلادمير بوتين وقواته وقياداته.

ستدفع الثمن ويعاقبك القانون

دفع هذا بوتين لوصفه بالخيانة، وطعن روسيا من الخلفِ، وإتخاذ الأوضاع مُنحنى جديد بالأعمال الإرهابية التخريبية في البلاد والخيانة الداخلية.

وذلك على حد وصف بوتين في خِطابة العاجل الذي خرج فيه على الروسيين كما هدَّد الرئيس الروسي، قائد قوات فاغر مُنذرًا بعقابة الوشيك، محذرًا من اندلاع حربًا أهلية ومُحذرًا من اقتراب يفغيني من شوارع موسكو.

الطباخ المقاتل يخون سيد الكرملين

فاشتعلت نيران صديقة بأيدي قوات فاغنر، وذلك بعدما أعلن يفغيني التمرٌد على روسيا، وسرعان ما توالت أعمال العنف واندلعت الاشتباكات بين قوات فاغنر وقوات الجيش الروسي

وذلك بعدما دخَّل قائد فاغنر مدينة روستوف، حيث تمكَّن يفغيني من اقتحام مقر قيادة الجيش الروسي، برفقة جنوده الذين هتفوا بصوتٍ عاليًا؛ قائلين ” فاغنر..فاغنر”

حيث أعلن يفغيني عن سيطرته على المطار الواقع  فيها، فضلاً عن المدينة.

موقف الدول الأوربية وأوكرانيا من روسيا

قائلاً ” نحن وطنيون، قاتلنا ونقاتل لوطننا الأم” في إشارة منه إلى استعداد روسيا لرئيسِ جديد.

وبين سلسلة العداوات المُتبادلة، واندلاع أعمال إرهابية في موسكو والسلطات تنادي السكان ألتزموا منازلكُم.

وبين هذا وذلك أشارت دول حِلف شمال الأطلسي بمرُاقبة الأوضاع في موسكو عن قُربٍ بينما صرح الرئيس الأوكراني، فلودمير زيلينكسي، بضعفِ روسيا الذي بدا واضحًا الآن، مُطالبًا بسحبِ المُقاتلين الروس من الأراضي الأوكرانية.

حلفاء بوتين ضد قائد قوات فاغنر

ليظهر من بين هذه الأجواء المُلبدة بالغيومِ الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف؛ المُلّقب بـ”ابن بوتين”، والذي عُرِف بانتمائه ومحبته للرئيس بوتين بشِدةٍ.

والذي أشار إلى رغبته في مدّ يد العون إلى روسيا، وذلك باستخدام أساليبه التي وصفها بالقاسية في مواجهة التمرُد المُسلّح.

فضلاً عن ظهور حلفاء روسيا الأبرز؛ حيث الرئيس البيلاروسي، ألكساندر لوكشينكو، الذي طالب بالتدخُل من أجل وساطة، لحلّ النِزاع، والحدّ من التمرٌد المًسلح المُندلِع في روسيا.

ليوافق قائد قوات فاغنر بهذه الوساطة، رغبةً منه في وقف فيضان الدم الجاري بين قوات فاغنر والقوات الروسية؛ فهل صار حليف بوتين الأول عدوه الأشد ضراوة وأكثر خطورة؟ وهل بإمكان قوات فاغنر السيطرة على روسيا فعلاً؟!!

Leave A Comment