ملفات سياسية

فضيحة صندوق MDB1

سأفصح لك اليوم عزيزى المشاهد عن فضيحة سياسية كبري ، حتى أنها تكاد تصل الى ان تكون فضيحة فساد عالمية ، تضم تلك الفضيحة تواطيء سياسيين وزعماء ورجال أعمال من دول مختلفة ، مبالغ مالية ضخمة تم الاستيلاء عليها من خزينة المال العام ، وتحويلها الى حسابات شخصية بدون أدنى وجه حق.

وتلك هى قضية الفساد الأكبر في تاريخ ماليزيا ، تلك التى انفجرت منذ ثمان سنوات ، ولا يزال صداها يتردد حتى الآن .

وتنطوى تلك القضية التى تعتبر من أكبر الفضائح التى تورطت بها ساسة مرموقون ، على جرائم متعددة تتمثل في الاستيلاء على أموال صندوق التنمية الماليزى MDB1 ، وتهريبها الى خارج البلاد ، وغسيل الأموال ، وتزوير كيانات وهمية لتنفيذ خطط  الاحتيال المُشينة ، ومن ثم اهدار تلك المبالغ المنهوبة في العبث ، واسلوب الحياة المتفاخر ، وغير ذلك من التهم التى وجهت الى أولئك المتورطون في الفضيحة الاكبر في تاريخ ماليزيا .

وتعد هذه الفضيحة من أكبر الفضايح السياسية التى تختص بسرقة أموال الدولة في العالم ككل ، والتي لن ينساها التاريخ نظرا لتورط كثير من الدول بها ، بالاضافة الى بروز أسماء العديد من الشخصيات العالمية المشهورة في تلك القضية ، كمتلقيين للهدايا التى تم اقتناءها من خلال تلك الأموال المنهوبة.

اذا ما هو صندوق MDB1 ؟

في البداية لم يكن صندوق  MDB1 ، أكثر من صندوق تنمية سيادي استثماري لدولة ماليزيا ، وكان قد تم تأسيسه في عام 2009 من أجل تعزيز عملية التطوير عبر الاستثمار والشراكات الأجنبية ، وفي ذلك الوقت كان رئيس الوزراء الماليزى السابق نجيب رزاق ، هو رئيس هذا الصندوق .

ثم تحول بعد ذلك صندوق التنمية الماليزى الى مركزا لأحد أكبر فضائح الفساد في العالم ، وتقول في ذلك وزارة العدل الامريكية أن أكثر من 4.5 مليار دولار قد تم سرقتها ، وكان نتاج تلك الفضيحة ازاحة الحكومة الماليزية عن السلطة ، وإلقاء القبض على رئيس الوزراء نجيب رزاق وزوجته ، ومجموعة من شركائه.

اذا ما هى فضيحة صندوق  MDB1 ؟

وفضيحة MDB 1 هى فضيحة سياسية ، وقعت في عام 2015 في ماليزيا ، وتم فيها اتهام رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق بتحويل أكثر من 2.67 مليار رينگيت ماليزي ، أى ما يعادل حوال 700 مليون دولار أمريكي ، من صندوق التنمية الماليزى MDB1 ، الى حساباته المصرفية الشخصية ، وأثارت تلك الفضيحة موجه واسعة من الانتقادات في ماليزيا ، ، وطالب الكثير بإقالة نجيب رزاق .

كيف تم التصرف في أموال الصندوق :-

أظهرت بعض الوثائق المالية المسربة ، أن صندوق التنمية الماليزى ، كان مُجتثاً بقضايا الاحتيال والسرقة منذ تأسيسه ، حيث تم اقتراض مبالغ ضخمة من خلال سندات حكومية ، ومن ثم تحويلها الى حساباتهم البنكية الشخصية في سويسرا ، وسنغافورة ، والولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس الوزراء نجيب رزاق ، والذي ظهر في حسابه الشخصي وحده مبلغ يصل إلى 731 مليون دولار ، وكان ذلك قبل انتخابات عام 2013 ، وانتشرت الاتهامات التى اشارت الى أن هذا المبلغ تم استخدامه لرشوة شخصيات سياسية ، ولكن نجيب رزاق أنكر تلك الادعاءات ، وأصر على أن هذا المبلغ تم التبرع بها له من قبل ولي عهد الممكلة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان.

وهناك أيضا رجل الأعمال الماليزي الشهير بإسم “جو لو” ، وكان احد المستشارين الذين أشرفو على صندوق التنمية الماليزى MDB1 ، وانتشرت المزاعم التى أشارت الى أن جو لو استخدم أموال الصندوق لتمويل عمليات شراء تتضمن ممتلكات عقارية في بيفرلي هيلز ومانهاتن داخل الولايات المتحدة الأمريكية ترواح قيمتها عشرات المليارات من الدولارات ، من ضمنها شقة سكنية فاخرة سبق أن امتلكها مغني الراب الأمريكي الشهير جاي زي ، وطائرة خاصة بقيمة 35 مليون دولار ، وكذلك يخت بحري بقيمة 260 مليون دولار ، وغير ذلك من مظاهر الترف والعبث ، بالاضافة الى مبلغ  يصل الى 85 مليون دولار في صورة ديون مقامرة في مدينة لاس فيغاس.

وكذلك تم انفاق اموال الصندوق على حفلات أعياد الميلاد التى كان يحييها فنانين ومطربين أمريكين بارزين ، وكذلك عشرات الملايين من الدولارات تم  توجيهها لتمويل إنتاج الفيلم الهوليودي ” The Wolf of Wall Street” .

كيق خرجت فضيحة  صندوق MDB1 الى العلن

كيف خرجت  تلك الفضيحة للعلن :-

كانت عمليات النهب والسرقة لصندوق التنمية يسير دون اى عوائق بين عامى 2009 و 2012 ، وسارت عمليات السرقة والاحتيال على تلك الحال حتى عام 2015 ، حتى تم تسليم نحو 227 ألف وثيقة مسربة لكلير الصحفى البريطانى الذي كان يدير الموقع الالكترونى ، وكانت تلك الوثائق تتضمن تفاصيل كثيرة عن عمليات الاحتيال والنهب التي حدثت بالصندوق.

فقامت هيئة مكافحة الفساد الماليزية MACC ، بالبدء في التحقيق ، وبينما كانت الهيئة على وشك استصدار أمر بالقبض على رئيس الوزراء نجيب رزاق ، حتى قام نجيب رزاق بخطوات استباقية ، وقام باصدار أوامر إعتقال للمدعي العام “عبد الغني باتيل” ، والذي كان يرأس عملية التحقيق في هذا الوقت ، واستبداله بالمدعى العام محمد أباندى على ، وكان ذلك خلال أسبوع  تم تسميته “أسبوع السكاكين الطويلة”.

ثم قام نجيب رزاق بالتخلص من نائب رئيس الوزراء “محيي الدين ياسين” ، نظرا لأنه كان من منتقدى صندوق التنمية الماليزى MDB1 السيادي ، وكذلك أربعة أشخاص اخرون كانوا سببا في اظهار الفضيحة ، ولم يتوقف نجيب رزاق عند هذا الحد ، فقد أصدر أمراً بمداهمة مكاتب هيئة مكافحة الفساد MACC ، والقبض على 4 مسئولين آخرين.

كما أن حكومة نجيب رزاق رفضت التعاون مع المحققين في الولايات المتحدة الأمريكية ، وسنغافورة وسويسرا ، وفى عام 2016 ، قام المدعى العام الذي كان قد تم تعيينه على يد نجيب رزاق رئيس الوزراء من كل الإتهامات بالأفعال المشينة ، كما صرح في وقتها قائلًا أن هذا الموضوع تم انهائه بالكامل.

إزاحة نجيب رزاق عن السلطة :-

وعلى الرغم من صدور حكم البرائة  لنجيب رزاق الا انه لم يقتنع الجميع ببرائته ، وكان قد قام رئيس الوزراء السابق لنجيب رزاق مهاتير محمد ، بالتحدث علنا عن الفضيحة ، كما أنه تحالف مع أنور إبراهيم كتحالف معارض ضد السلطة.

ثم قام بعد ذلك مهاتير بترشيح نفسه في الانتخابات العامة على منصب رئيس الوزراء ضد نجيب رزاق في عام 2018 ، وحصل في ذلك حزب الجبهة الوطنية الذي ينتمي إليه نجيب رزاق على 79 مقعد في البرلمان ، مما جعله يحتل المركز الثاني في الانتخابات وإزاحته عن رأس الحكومة الفيدرالية.

وبعد فوز تحالف الامل الذي نتمى له مهاتير محمد بنتيجة الانتخابات العامة ، أعلن مهاتير فوز حزبه بالانتخابات ، وأنه سيقوم بحلف اليمين كرئيس الوزراء السابع لماليزيا ، وبذلك أصبح  مهاتير أكبر رؤساء الوزراء والرؤساء سناً في العالم وهو في عمر يقل ببضع أسابيع عن 93 عاماً.

ثم قام نجيب رزاق بتقديم استقالته عن رئاسه رئاسه حزب الجبهة الوطنية ، ومن ثم تم استئناف التحقيقات في قضية صندوق التنمية الماليزى صندوق MDB1 مرة أخرى ، والتى كانت توقفت في عهد نجيب ، وبذلك تم توجيه اتهامات متعددة لنجيب تتضمن قيامه بمجموعة من الجرائم .

ثم تم تفتيش ممتلكات نجيب من قبل الشرطة ، وتم مصادرة عددا كبيرا من المجوهرات والحقائب الثمينة ، وقد قدرت قيمة هذه الأشياء بحوالي 273 مليون دولار.

وكان مهاتير منذ أن فاز بالانتخابات ، وقد وضع فضيحة MDB كمحور إهتمام رئيسي ، حتى انه قام بمنع نجيب رزاق وزوجته من السفر ، فقامت سلطات الهجرة في ماليزيا بإصدار قراراً بمنع نجيب من السفر ، عقب تصريحه على مواقع التواصل الاجتماعى انه يخطط لقضاء عطلة هو وزوجته خارج البلاد ، كفرصة لينال قسطا من الراحة عقب خسارته في الانتخابات ، ثم توجه مهاتير بعزل المدعى العام محمد أباندى على الذي كان قد عينه نجيب رزاق ، ولقد أيد القصر السلطانى هذا القرار ، وتم السماح لمهاتير بعزل المدعى العام ، وتم تعيين تومى توماس بدلا منه في المنصب.

كيف سارت التحقيقات في قضية صندوق التنمية الماليزى MDB1 ؟

جاءت اللجنة البرلمانية التى قامت بالتحقيق في القضية بالكشف عن تورط ما لا يقل عن 4.2 مليار دولار في المعاملات غير القانونية التي تتعلق بصندوق التنمية الماليزي MDB1 ، ولقد أثارت الضفيحة رد فعل عنيف للشعب ، وذلك الامر الذي كان له بالغ الأثر في انهاء حكم حزب نجيب الذي استمر واح وستون عامًا ، والذي على اثره اتهمت السلطات الماليزية رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق بالاخلال بالثقة في الصفة الجنائية المتعلقة بالأموال التى تخص  صندوق MDB1.

وتم توجيه مجموعة من التهم بلغ عددها 42 تهمة الى نجيب رزاق في خمسة قضايا منفصلة ، والتى من الممكن ان تجلب له سنوات طويلة داخل السجن ، لكن بالرغم من ذلك لازال نجيب رزاق مستمرا في انكار التهم المنسوبة اليه ، وانكار ارتكابه لأى أفعال مخالفة للقانون.

ولقد تم اصدار حكم قضائي ضده ، يختص بالمحاكمة الاولى له ، والتى تم اثبات انه مذنبا بها فيما يخص سبعة من التهم ومنها خرق الثقة بشكل اجرامى ، وكذلك غسيل الاموال ، واستغلال النفوذ ، ولا يزال النطق بالحكم معلقا الا انه من المتوقع ان يواجه نجيب عقودا داخل السجن ، وتتعلق هذه القضية بتحويل مبلغ 42 مليون رنكيت ماليزي ringgit (أى ما يساوي 9.9 مليون دولار) من إحدى الوحدات السابقة لصندوق 1MDB إلى حسابه الشخصي عبر شركات وسيطة.

وتأتى المحاكمة الثانية لنجيب ، والتى تعتبر الابرز حيث انها تختص بتوجيه اليه   25 تهمة متعلقة بتحويل مبلغ 731 مليون دولار من اموال صندوق التنمية الماليزى إلى حساباته البنكية الشخصية .

أما زوجة رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق والتى تدعى روسما منصور ، تم توجيه اليها 17 تهمة غسيل أموال ، ولكنها قد حصلت على البراءة من كل تلك التهم.

وتم توجيه تهم تختص بغسيل الأموال أيضا والتهرب من الضرائب ، الى المدعو شفيع عبد الله ، وهو محامى نجيب ، وكذلك تم القبض على عضو البرلمان “عبد العزيز عبد الرحيم” المنتمي إلى حزب نجيب السياسي وتم توجيه تهم إليه تتعلق بإدعاءات الرشوة وغسيل الأموال.

وكلما مضي المزيد من الوقت على تلك الفضيحة ، تتضح التداعيات التى تكشف أكثر عن تلك القضية ، وتُظهر مدى ضخامة وفداحة هذا النوع من الفساد الصارخ الذي تفشى لأعوام ، والذي تم من شخصيات من دول مختلفة و الذي أدى إلى تقارير وتسريبات ومتابعة نيابية وملاحقة قضائية للعديد من الجهات والبنوك والأشخاص في مختلف الدول.

كما ان هناك العديد من التقارير التى تشير الى أنه تم تحويل الكثير من الأموال لـ“جو لو“، عبر شركات تسيطر عليها شخصيات كويتية وكان ذلك خلال عام 2016 ، كما أنه دارت الشبهات والاتهامات حول تورط شخصية كويتية نافذة في تلك الفضيحة ، وقيامها بعملية غسيل أموال من خلال تأسيس مجموعة شركات في جزر القمر ، الأمر الذي دفع مجلس الوزراء لتكليف الجهات المعنية بالتحقيق في تلك الاتهامات ، ولقد بلغ عدد الدول التى تقوم في التحقيق بخصوص أموال الصندوق الماليزى منذ العام 2016  نحو ثمانى دول وذلك على أقل تقدير ، ومن بين تلك الدول ماليزيا والولايات المتحدة وسويسرا ، وهونج كونج ، وسنغافورة ، وغيرها من ثلاث دول خليجية.

ولقد أثارت تلك القضية نواب البرلمان الكويتي ، حيث ان التقارير كانت تشير الى تورط تورط شخصيات كويتية ومؤسسات في صفقات غير مشروعة مرتبطة بمشاريع خارج البلاد ، فبدأت القضية تخضع لتحقيقات دولية بشأن التعديات الصارخة التى تورط فيها أفراد وشركات وبنوك داخل الكويت وخارجها ، شملت تحويلات مالية ضخمة جداً ، كما أن كثير منها تم في فترات متقاربة ، وتخللتها محاولة عمل فواتير مشبوهة لتغطية هذه الأعمال المجرّمة مالياً.

كيف أمسك المحققون بطرف خيط القضية ؟

ولقد حاول المحققون تتبع كيفية تدفق تلك الاموال والمبالغ الضخمة من خلال صندوق التنمية الماليزي MDB1 ، ومن ثم تحويله الى حسابات شخصية ، والتى قدرتها وزارة العدل الامريكية بأنها تتخطى  4.5 مليار دولار ، ولقد تدفقت تلك الاموال من خلال شبكة معقدة من المعاملات الغامضة والشركات الاحتيالية الوهمية ، والتى تم تمويهها لتبدو وكأنها شركات مشروعة .

فقامت التحقيقات الدولية التى تتحرى الوصول الى كيفية تسرب تلك المبالغ الضخمة بسهولة خلال تلك الاعوام ، ولقد فرضت سنغافورة وسويسرا عقوبات مالية على العديد من البنوك بسبب الثغرات في الضوابط المتعلقة بمكافحة غسل الأموال فيما يخص الأموال المزعومة من صندوق التنمية الماليزى ، ولقد ذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الشهود المُحتملون في تلك القضية كانوا خائفين للغاية من التحدث إلى المحققين الأمريكيين ، حيث أنهم يخشون من التعرض الى اجراءات انتقامية.

وتعهد المحققون في ماليزيا ، بالتعاون مع غيرهم من المحققين على مستوى العالم بينما يحاولون معرفة الكيفية التي تم من خلالها اختلاس مليارات الدولارات ، ومن ثم غسلها عن طريق المراكز المالية الرئيسية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا ، رغبة في التوصل الى نتائج يمكنها ان تساعد في إغلاق الثغرات الموجودة في النظام المالي العالمي ، والتى من شأنها أن تمهد الطريق أمام الفساد ، فلذلك كان العمل على سد تلك الثغرات مهمة أمن عالمى ، حتى لا يتفشي الفساد والاختلاس في المجتمعات ، خاصة من قبل السياسيين ، وممثلى الدول أمام العالم .

المتورطون في القضية :-

وأسفرت التحقيقات عن ان الآتى أسماءهم هم المتورطون في تلك القضية ، لو تايك جو ، والمعروف باسم جو لو ، والذي أشرنا اليه سابقا ، فهو مستثمر ماليزى ، والذي قام ببعض الأعمال الاستشارية لصالح صندوق التنمية الماليزي MDB1 ، ويعتبر جو لو الشخصية التى لعبت الدور الرئيسي  في تأسيس الشركات الوهمية لجمع العائدات من الصندوق ونظمت عمليات سحب عشرات الملايين من الدولارات التي استخدمت في الدفع للمسؤولين في الحكومة الماليزية وكان يفعل جو لو ذلك لللقدره على تحمل تكاليف نفقاته المبتذلة ، ولقد أنكر “لو” أنه قام بارتكاب أى مخالفات ، كما أشار الى انه أبلغ محاميه ليقوم بالاتصال بلجنة مكافحة الفساد الماليزية للمساعدة في التحقيق .

كما كان رضا عزيز صديق لو ، وزوج والده نجيب ، قام  بتأسيس شركة إنتاج الأفلام التي قامت بتمويل إنتاج فيلم “وولف أوف وول ستريت” بأموال تم تحويلها من صندوق التنمية الماليزي MDB1.

ويد أخرى آثمة ورد ذكرها بالتورط في تلك الفضيحة ، هى مؤسسة غولدمان ساكس الأمريكية للخدمات المالية والاستثمارية ،  والتى تمكنت من تحقيق أرباح تقدر بمبلغ 593 مليون دولار نتيجة للعمل على ثلاثة مبيعات للسندات التي جمعت مبلغ 6.5 مليار دولار لصالح صندوق التنمية الماليزي 1MDB في عامي 2012 و 2013، الامر الذي نتج عنه أن العائدات التي تحققها البنوك عادة من تلك الصفقات الحكومية تبدو ضئيلة للغاية.

وهناك أيضا تيم ليسنر ، رئيس مؤسسة جولدمان السابق لمنطقة جنوب شرق آسيا والمصرفي الرئيسي المُتخصص في إدارة سندات صندوق التنمية الماليزي MDB 1 ، وكذلك روجر إنج مساعده ،  ومن بين المتورطين في تلك الفضيحة ، محافظ البنك المركزي الماليزي ، محمد إبراهيم الذي استقال من منصبه في الوقت الذي تزايدت فيه الشكوك حول الدور الذي لعبته السلطة النقدية في صفقة شراء الأراضي من حكومة نجيب ، والتي استخدمت بدورها العائدات لدفع دين صندوق التنمية الماليزي MDB 1 ، الا أن محمد نفي أن تلك الاموال تعود الى الصفقة التى حدثت بشأن صندوق التنمية الماليزى ، أو أنه شارك في الجرائم المتعلقة باختلاس الأموال العامة.

ولقد قام البنك المركزي السنغافوري بفرض عقوبات على مجموعة من شركات الخدمات المالية ، ومجموعة من البنوك ، وكذلك شركات ومؤسسات مالية أخرى ، وذلك لانتهاكهم قواعد مكافحة غسل الأموال الخاصة بالمعاملات المرتبطة بفضيحة صندوق التنمية الماليزي MDB1.

وتم اصدار أمر إلى فالكون برايفت بنك الذي يتخذ من مدينة زيوريخ مقرًا له والمتورط في التعامل بمبلغ 3.8 مليار دولار من تدفقات أموال صندوق التنمية الماليزي MDB1 ، بوقف العمليات في سنغافورة ، كما هددت سويسرا بسحب ترخيصها للبنك في حالة حدوث أي انتهاكات أخرى لقواعد غسل الأموال.

وفقد بنك بي اس أي اس أيه السويسري والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى 143 عامًا ترخيصه الخاص بسنغافورة ، وذلك بسبب تورطه في العمل مع صندوق MDB 1 ، وقيامه بأعمال مخالفة لقواعد غسيل الأموال.

تطورات القضية الاخيرة :-

ولقد نشرت وكالة رويترز مؤخرا ، أن هناك تصريحات قد صدرت من ماليزيا في يناير 2022 ، بأنها قد استرجعت ما يكفي من التمويلات المتعلقة بالصندوق السيادي الماليزي MDB1 ، لكى تتمكن من دفع المبلغ الذي يدين به الصندوق لعام 2022.

ولقد جمع صندوق MDB1 المليارات من الدولارات في هيئة صكوك ، والتى كانت في الظاهر مخصصة لمشروعات اسثمارية ، لكن في الحقيقة تم تحويل هذه الأموال من الصندوق لحساب مسؤولين من المستوى الرفيع وشركائهم في إطار خطة جرائمية على نطاق دولي.

ولقد صرح وزير المالية الماليزى بأن الحساب الائتماني الذي أُعد لكي يستقبل الأموال المستعادة إلى MDB1 ، استقبل 19.1 مليار رينجت أى ما يعادل  (4.58 مليار دولار).

كما قامت الحكومة بتسديد 13.3 رينجت من ديون صندوق التنمية الماليزى ، وكان من المتبقى 38.81 مليار رينجت مستحقة السداد حتى 31 ديسمبر من نفس العام  ، ولقد أفاد التصريح أن الرصيد المتاح كان يكفى لسداد الصكوك لعام 2022 فقط ، وبعد استخدام هذا الرصيد في السداد ، ستستمر الحكومة في تحمل الالتزام بدفع المبلغ المتبقي من ديون الصندوق السيادي MDB1.

كما ان وزارة المالية عبرت عن انها سوف تقوم بتكريس جهودها من أجل استرجاع ممتلكات الصندوق ، حتى تؤمن ما يكفي من التمويل لإدارة العبء المالي الوطني الي تسببت به فضيحة صندوق التنمية الماليزي.

ونطقت المحكمة الماليزية بالحكم ضد نجيب رزاق ، والذي حكم عليه بالسجن لمدة 12 عام ، الى جانب غرامات تبلغ الملايين مقابل التهم التى وجهت اليه بالفساد ، وغسيل الأموال ، والاختلاس غير القانونى ، من وحدة من وحدات صندوق  MDB1 ، ولا يزال نجيب مستمرا في انكار التهم عن نفسه ، كما أنه لازال طليقا بعد دفع الكفالة ، وفي انتظار البدء في القيام باستئناف آخر.

ثم بدأت المحكمة الفيدرالية العليا بماليزيا في أغسطس 2022 ، بالاستماع للاستئناف المقدم من قبل رئيس الوزراء الأسبق نجيب رزاق ضد اتهامه في قضية فساد مرتبطة بعملية الاختلاس الضخمة التي تمت على الصندوق السيادي الماليزي MDB1.

وفي سبتمبر 2022 ، تم إدانة روسما منصور ، زوجة نجيب رزاق في ثلاث قضايا رشوة ، بالمحكمة العليا لكوالالمبور ، وتتعلق التهم الموجهه اليها بشركة كانت قد ساعدتها في الفوز بعقد قيمته 279 مليون دولار ، وقد يؤجل تنفيذ الحكم إذا ما قدمت روسما استئنافاً عليه ، ولكنها تواجه 17 تهمة أخرى تتعلق بغسيل الأموال والتهرب من الضرائب.

وتدعى زوجة رئيس الوزراء السابق ، أنه قد تم توريطها في هذه القضايا على يد مساعد سابق لها، ومسئولين في كل من الحكومة والشركة كانوا ضالعين في المشروع ، ولقد اتهمها الإدعاء بحصولها على رشاوى مجموعها 41.8 مليون دولار ، وما قيمته 6.5 مليون رينجت ماليزي من شركة الطاقة الشمسية تحديداً ، وهذه التهم قد تتسبب في سجن لمدة تصل إلى عشرين عاماً ، بالإضافة إلى غرامات تصل قيمتها إلى خمس أضعاف قيمة الرشوة المتلقاه.

ثم تم إيداع نجيب رزاق في مستشفى كوالالمبور ، بعد ترحيله إليها من سجن كاجانج ، لمعاناته من بعض المشاكل الصحية المتعلقة باضطرابات ضغط الدم ، واحتياجه للكشف والفحوصات ، ثم عاد الى السجن مرة أخرى في نفس الشهر.

هل رأيت عزيزى المشاهد ؟ كيف أن السياسة بحر عميق ، وآخره غرقا ان لم تقصد وجهه آمنة في ابحارك به ، مهما استترت المناصب على فضائح ممثليها ، لابد ان تفوح رائحة الفضائح يومًا ، وما لا يمكن تجاهله أن للمناصب بريق مُغري ، وهالة من الجذب من الصعب تفاديها ، فان لم يكن المرء قادرا على السيطرة على نفسه من الانسياق نحو المغريات التى تمتليء بها المناصب السياسية ، فمن الافضل أن يظل بعيدا عنها ، حتى لا تؤول به الظروف في أخر المطاف لمصير مؤسف ، وقدر أليم .

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button