ملفات سياسية

 فضائح فوكس نيوز

في الاونة الاخيرة بدأ يجتاحنا الارتياب من الاعلام بأنواعه ، نظرا لما بدأ يتكشف لنا عن الممارسات المختلفة من التضليل ، والكذب ، والتلفيق ، وأن كل يعمل وفق أهوائه ، وفى هذا الصدد نتطرق الى فضيحة من فضائح الاعلام الامريكي ، والتى تخص شبكة فوكس نيوز الاخبارية ، تلك الشبكة التى تُكللها القيل والقال في كل الشأن الامريكي ، حتى أصبحت محل جدل ونقاش طوال الوقت ، ليس في الولايات المتحدة فقط ، بينما في العالم الغربي ككل.

وتتناول شبكة فوكس دائما اراءا مخالفة ، لباقي وسائل العلام الاخرى اليمينية ، وحتى اليسارية منها ، وهذا ما جعلها محلا للجدل على نطاق واسع ، وعلى الرغم من ان نسبة المشاهدات والمتابعين كانت تتاثر في أوج الفضائح الا أنها ظلت على طول الطريق من أهم قنوات العالم الامريكى.

التعريف  بفوكس نيوز :-

قناة فوكس نيوز هى قناة اعلامية ، متخصصة لنقل وطرح الاخبار ، وهى قناة أمريكية ، وتعرض في الولايات المتحدة والعالم ، وتملكها مجموعة فوكس الترفيهية وهي شركة تابعة لشركة فوكس للقرن 21.

وتعتبر قناة فوكس نيوز واحدة نمن أهم القنوات تعبّر عن وجهة نظر المحافظين في الولايات المتحدة ، بالاضافة الى انها  واحدة من أهم القنوات التى تتميز بانحيازها لاسرائيل في تغطيتها الاخبارية ، كما أنها تتميز بموقفها الصريح من المعاداة للقضية الفلسطينية والعرب والمسلمين.

وتتميز أيضا بأنها معادية للرئيس الامريكي السابق باراك أوباما ، وفى عام 2008 ساندت بقوة المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية جون ماكين ووقفت ضد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي كان خصماً لماكين بشدة واتهمته بالإرهاب والآراء الاشتراكية وقلة الخبرة والكثير من الإشاعات والاتهامات ومنها أنه ذو أصل عربي وانتماءاته إسلامية.

ولقد كُللت تلك القناة بمجموعة من الفضائح والتى كانت تؤثر علها سلبا بالتاكيد ، ففي الأسابيع القليلة الاولى من انتشار وباء فيروس كورونا في الولايات المتحدة الامريكية ، كانت القناة تعمُد الى ترويج معلومات خاطئة حول فيروس كورونا ،  حيث روجت الشبكة للروايات القائلة بأن الاستجابة الطارئة للوباء كانت ذات دوافع سياسية أو غير مبررة ، وكانت تلك التغطية متسقة مع رسائل ترامب في ذلك الوقت ، وبعد أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق ترامب  حالة الطوارئ الوطنية ، غيرت الشبكة لهجة التغطية .

كما قام اثنان من معلقين فوكس نيوز بالترويج لاستخدام عقار هيدروكسي كلوروكين لعلاج فيروس كورونا ، بعد أن روج له ترامب كعلاج محتمل ، وقامت صحيفة USA Today بنشر مقال تستنكر فيه على  فوكس نيوز ووسائل إعلام يمينية أخرى كيف يعرضون صحة الشعب للخطر.

وفي الوقت نفسه الذي قلل فيه معلقوا قناة فوكس نيوز من خطر الفيروس علنًا اتخذت إدارة فوكس وعائلة مردوخ مجموعة واسعة من الإجراءات الداخلية لحماية أنفسهم وموظفيهم ضده ، وأثر ذلك على ان الاشخاص الذين يثقون فيي فوكس نيوز انخرطوا في سلوكيات وقائية أقل وسلوكيات أكثر خطورة تتعلق بكوفيد-19.

وثم انخرطت شبكة فوكس نيوز ، فيه اتهام تم توجيهه لها ، حيث وجه اليها اتهام بانها تسمح بالتحرش الجنسي والتمييز العنصري من قبل المضيفين على الهواء والمديرين التنفيذيين والموظفين ، حيث قام عدد من النساء باتهام روجر آيلز وبيل أوريلي وإريك بولينج بالتحرش الجنسي ، كما تمت مقاضاة الرئيس المشارك لشبكة فوكس نيوز بيل شاين في مزاعم تشير الى أنه تجاهل أو عمل على اخفاء التحرش الجنسي لروجر آيلز.

كما قام روبرت مردوخ الرئيس التنفيذي لشبكة فوكس بنفى تلك المزاعم ، والاتهامات المشيرة بسوء السلوك الجنسي داخل القناة ، ووصفها بانها سياسة ، ومن ثم توجه بيل أورايلي مع فوكس نيوز بعقد اتفاقيات ، لتسوية تلك الاتهامات ، فقام بتسوية ستة اتفاقيات بلغ مجموعها 45 مليون دولار مع النساء الذين اتهموه بالتحرش ،  وبعد تسوية بيل أورايلي لقضايا التحرش قامت قناة فوكس نيوز بتجديد عقده  والذي يعتبر أشهر مذيع في القناة ، حيث أنه وبما أن أورايلي قد عمل على تسوية القضايا فبالتالى لم تُبت في المحكمة ، فجاء في العقد المبرم بين أورايلي وفوكس نيوز أنه لا يمكن فصله من الشبكة ما لم تثبت مزاعم التحرش الجنسي في المحكمة.

وتأتى هنا مفارقة كبيرة ، زادت الأمر سوءا ، حيث ان تغطية فوكس نيوز لفضيحة التحرش الجنسي لبيل أورايلي لم تتعدى ال عشرون دقيقة ، وهذا على العكس تمام ، ما فعلته في تغطية ادعاءات الاعتداء الجنسي لهارفي وينشتاين ، حيث انها خصصت ما لا يقل عن 12 ساعة من التغطية لفضيحة وينشتاين ، بالرغم من أن بيل أورايلي اتُهم بالتحرش الجنسي من قبل عدد كبير من النساء تماما كوينشتاين .

اما الذي حدث بعد ذلك أدى الى ان قامت قناة فوكس نيوز بانهاء علاقتها بالمذيع الشهير بيل أورايلي ، وذلك نتيجة انسحاب كبار المعلنين من برنامجه بناء على الاتهامات بالتحرش الجنسي ، وصرحت قائلة انه بعد مراجعة دقيقة للادعاءات ، وافقت الشركة وبيل أورايلي على إنهاء العلاقة بينهما ، وكان هذا القرار التى اتخذته فوكس نيوز بالاستغناء عن أورايلي بمثابة انتصار للحقوقيين والناشطين الذين ضغطوا على عشرات الشركات لسحب إعلاناتها من برنامجه .

وبعد قرار إقالة أورايلي ، عقب عليه أورايلي مشيرا الى أن الشكاوى التي قدمت ضده مجرد ادعاءات ، لا أساس لها من الصحة ، ومن بعد ذلك ظهرت بعض التقارير التى تشير الى إن أورايلي وقناة فوكس تكتما على 5 قضايا تحرش جنسي ، تقدمت بها خمس موظفات في القناة على مدى 15 عاما ، أن القناة وأورايلي دفعا ما يقارب 13 مليون دولار مقابل صمت الضحايا ، إلا أن ضحية سادسة تدعى ويندي والش لم تتقاضى أي مبالغ مالية ، وتحدثت علنا عن اتهاماتها في حسابات وسائل التواصل الاجتماع ، وكانت والش وراء فتح القضية ومعها أخرون في الاتهامات التى وجهت الى أورايلي.

وبعد تلك الفضيحة ، قامت فوكس نيوز بالتخلى عن شعارها القديم ، تغطية عادلة متوازنة ، واستبدلته بشعار يصف الشبكة بأنها الأكثر مشاهدة والأكثر موثوقية ، ولقد جاء قرار تغيير الشعار منعاً للسخرية التي ستتعرض لها فوكس نيوز فيما هي تتحدث عن العدالة والتوازن في تغطياتها الإخبارية بينما مديرها العام يُطاح به في قضية إخلاقية صارخة.

وهذه المرة تجتاح الشبكة فضيحة سياسية ، وتتعلق بنشر لجنة الكونجرس رسائل نصية متبادلة بين مقدم برنامج في الفترة الرئيسة لدى فوكس ، شون هانيتي ، وموظفين في إدارة ترامب ، بمن فيهم كبير الموظفين مارك ميدوز.

وفى واحدة من تلك الرسائل ، قال هانيتي لميدوز إنه “قلق للغاية في شأن الساعات الـ48 المقبلة”. وكان محقاً في قلقه هذا ، لكن في برنامجه قال كلاماً مختلفاً جداً ، كما نا شبكة سي ان ان المنافسة قامت بجمع مقارنات وتناقضات تعرض نصوص هانيتي الموجهة إلى مسؤولين في إدارة ترامب ، وحلفاء لها ، وأعضاء في الكونغرس ، ومقاطع من برنامجه ، اذا فإن الاعلام الخاص بشبكة فوكس نيوز يساهم في التضليل ، وابعاد الناس عن الحقيقة ، والتى هم من الاساس بصددها.

ثم عانت الشبكة من نكسة أخرى ، عندما وضع قاضٍ في ديلاوير حداً لآمالها في إنهاء سريع لدعوى التشهير التي أقامتها “أنظمة دومينيون للتصويت” ، وطالبت على اثر ذلك ب 1.6 مليار دولار ، بسبب مزاعم لا أساس لها من الصحة بأنها كانت متورطة في تزوير الانتخابات أذيعت على الشبكة.

وقدمت سمارتماتيك وهي شركة أخرى للتكنولوجيا الانتخابية دعوى ، تطالب فيها هى الاخرى بـ2.7 مليار دولار  ، والواقع أن دعاوى التشهير في الولايات المتحدة تتطلب تسويات أعلى بكثير مقارنة بالمملكة المتحدة.

وعلى هذا سعت فوكس إلى استخدام التعديل الأول الأسطوري لدستور الولايات المتحدة الذي يضمن حرية التعبير كجزء أساسي من دفاعها ، في هذه الحال يكون على خصومها أن يثبتوا أن “فوكس” كانت تعرف أن المزاعم كانت كاذبة لكنها أذاعتها بخبث على أي حال ، ما ألحق الضرر بأعمالهم في هذا الوقت .

فلقد ساعدت فوكس على تهيئة الظروف الملائمة لاستيلاء دونالد ترمب على الحزب الجمهوري ، بانغماسها في نظريات المؤامرة ، واحتضانها المظلومية المحافظة ومواقفها التي انطوت على حرب ثقافية .

وفي نهاية المطاف عادت فوكس إلى قمة أخبار شبكات الأنباء الثلاثة الكبرى التي تتضمن “أم أس أن بي سي” ذات الميول اليسارية ، بالإضافة إلى “سي أن أن” التي تركز على الأخبار ،  ومن ناحية أخرى تراجعت منافستاها اليمينيتان ، واللتان تقاضيهما أيضاً شركتا التكنولوجيا الانتخابية.

لكن اقتفاء “فوكس” أثرهما إلى مستنقع أقصى اليمين قد يأتي في مقابل تكلفة ، والتى لن تقع فقط على عاتق المصداقية الرقيقة التي كانت تتمتع بها قبل الانتخابات ، كما أنه يتعين على هؤلاء الذين يهتمون بالديمقراطية الأميركية أن يأملوا في حصول ذلك ، لأن أمتهم أيضاً تدفع ثمن أنشطة “فوكس” .

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button