فضيحة بنك ويلز فارجو
في واحدة من أكبر شركات الخدمات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وهى شركة ويلز فارجو ، وتكمن هنا فضيحة كبري نالت من سمعة تلك المؤسسة الضخمة ، وهوت بها في وقت قصير ، والتى كانت الطآمة الكبري فيها ، أن تلك الفضيحة ظلت مستترة لمدة أربعة عشر عاما من ممارستها ، الى أن انكشفت مؤخرا ، والذي زاد من تفاقم الازمة ، أن هناك الكثير من الممارسات الغير قانونية التى كانت تزاولها شركة ويلز فارجو .
التعريف بويلز فارجو :-
ويلز فارجو آند كومباني عبارة عن شركة خدمات مالية أمريكية عملاقة متعددة الجنسية ، ولديها أعمال رائدة في أمكان وبقاع مختلفة من العالم .
كما أنها تعتبر رابع اكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث حجم الاصول ، كما انه يعتبر البنك الاول من حيث القيمة السوقية ، والثانى من حيث الودائع وخدمات الرهن العقاري وبطاقات الائتمان ، ويقع المقر الرئيسي لشركة ويلز فارجو في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا ، ولكن لديها فروع رئيسية أيضا ً في مدن أخرى.
وكان ويلز فارجو يضم أكثر من 9 آلاف فرع وأكثر من 12 ألف آلة صراف آلي منتشرة في 39 ولاية وفي مقاطعة كولومبيا.
الفضيحة :-
في عام 2016 ، بدات حالة من الفوضى العارمة تجتاح بنك ويلز فارجو ، حيث أعلنت السلطات الفيدرالية عن أن البنك قام بفتح 1.5 مليون حساب إيداع ومنح أكثر من 500 ألف بطاقة ائتمان للعملاء دون علمهم ، وكان ذلك ما دفع السلطات الأميركية إلى فرض رسوم على البنك بـقيمة 185 مليون دولار ، بالاضافة الى 5 ملايين دولار سيتم دفعهم كتعويض للعملاء.
ولم تكن تلك المماراسات بغريبة على ويلز فارجو ، حيث انه على مدار خمسة أعوام قام بطرد 5.3 الآف موظف ، ولقد حدث ذلك في ظل تحقيقات أجراها البنك خلال هذه الفترة عن الممارسات غير القانونية والانتهاكات لدى موظفيه.
فلقد كان أسوأ ممارسات البنك التى تم الكشف عنها عام 2004 ، عندما عقد البنك اجتماعا في هذا العام ، والذي قام فيه المدراء التنفيذيين بتوبيخ موظفيهم على مشكلة مستمرة في البنك وهو أن الموظفيين يفتحون حسابات وهمية ، محذرينهم بإيقاف هذا التصرف ، الا انه بعد انتهاء هذا الاجتماع ، قامت إحدى المدراء بإرسال بريدا إلكترونيا مشددة ومطالبة موظفيها بتجاهل هذه التحذيرات والتركيز على بيع المنتجات.
ومعظم الحسابات والبطاقات التي شملت الفضيحة لم تجني أرباحا للبنك كون العملاء لم يستخدموها ، وتلك الفضيحة شوهت سمعة البنك الى درجة كبيرة ، حيث أنه اشتهر ببيع المنتجات باستخدام سياسة Cross Selling ، والتى تعتمد على بيع أكثر من منتج للعميل ، فلذلك كانت براعة مبيعات البنك مصدرا للغيرة من البنوك المنافسة.
وعلى الرغم من الفضيحة التى نالت من سمعة البنك ، الا أنه من المستبعد أن يستغني ويلز فارجو عن هذه السياسة ، حيث أكد على أن سيقوم بتعديل نظام الحوافز وسيلغي أهداف البيع لموظفي الأفرع ، ولكنه متمسك بسياسة Cross Selling.
ولقد صرح رئيس مجلس إدارة البنك ، إنه يشعر بالمسؤولية تجاه هذه الانتهاكات ولكنه شدد بأن الموظفين لم يحترموا قيم البنك ، وهو ما قال فيه عدد من الموظفين ، أن ما حدث هو نتيجة حتمية للضغوط التي يتعرضون هم لها ومن بينها وجود أهداف للمبيعات يجب تحقيقها على مدار كل ساعة ، إضافة إلى خوفهم من الطرد ، والى جانب ذلك سياسة الحوافز ، واعترفوا أنهم قاموا بإنشاء أكثر من 2 مليون حساب وهمي بأسماء عملاء ، نتيجة وقوعهم تحت ضغوط كبيرة من قبل رؤسائهم في العمل لتحقيق حجم مبيعات كبير.
خسائر البنك :-
وعلى اثر ذلك فقد البنك المرتبة الأولى كأكبر بنك من حيث القيمة السوقية ، وتم شطب 9 مليارات دولار من قيمته منذ فضيحة الحسابات الوهمية تلك ، وتعرض البنك من هنا الى مجموعة من القيود ، فلقد أمره مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأن يحتفظ بأصول أقل من 1.95 تريليون دولار لحين تحسن الحوكمة وضوابط المخاطر ، فسعى ويلز فارجو للحصول على مزيد من الوقت من جانب السلطات التنظيمية من أجل حل المشكلات العالقة .
ولقد سجل بنك ويلز فارجو خسائر بأكثر من التوقعات ، مع زيادة مخصصات القروض السيئة بسبب الوباء ، وأعلن أنه سجل صافي خسائر بقيمة 2.38 مليار دولار ، كما كانت توقعات المحللين تشير إلى أن نسبة خسائر ويلز فارجوسوف تزداد ، بالاضافة الى انخفاض صافي الدخل من الفوائد بنحو 2.2 مليار دولار ليصل إلى 9.9 مليار دولار خلال الربع الثاني من 2020 مع تراجع الفائدة الأمريكية ، وأعلن البنك زيادة 8.4 مليار دولار في احتياطي خسائر الائتمان بسبب الوباء.
ولقد أدت أيضا قضية تلك الحسابات الوهمية ، التى تضمنت تسجيل أسماء عملاء على تلك الحسابات دون علمهم ، إلى انخفاض كبير في طلبات بطاقات الائتمان إلى النصف بنسبة 55 في المائة ، مقارنة بما كانت عليه ، والذي كان يعد أكبر انخفاض منذ بدء الفضيحة .
وذكر البنك أيضا أن نسبة الحسابات الجارية التي فتحت من قبل العملاء قلت بنسبة 43 في المائة ، كما ذكر أن مراجعة العملاء لفروع البنك تراجعت بنحو 21 في المائة.
وبينما كانت التقارير والاعترافات تشير الى وجود 2 مليون حساب وهمي بأسماء عملاء ، خرج بنك ويلز فارجو مُصرحا بإن ما يقرب من 3.5 مليون حساب للعملاء قد اكتُشف أنها غير موثقة ، كما أن البنك كان قد فرض على العملاء رسوم غير صحيحة على القروض العقارية وأجبرهم على سياسات تأمين معينة بالنسبة لقروض شراء السيارات ، الأمر الذي يوسع فضيحة الحسابات الوهمية بأكثر مما أعلن في البداية.
ونتيجة لذلك واجه البنك عددًا من الدعاوي القضائية ، ودفعت تلك الفضيحة الرئيس التنفيذي السابق للشركة السيد جون شتومبف إلى تقديم اعتذار مهم لعملاء البنك واصفا الأمر بأنها فضيحة تؤلمه شخصيا أكثر من أي شيء آخر على مدار تاريخه ، ومن ثم قرر التقاعد وقام بتقديم استقالته ، ليتم تعيين تيموثي سلوان ، الذي أخد على عاتقه مهمة اصلاح المشكلة واعادة الثقة بين البنك والعملاء الأمريكيين.
وأكد مسؤولو البنك على استمرار التحقيقات حول فتح حسابات غير موثقة دون معرفة العملاء ، وأشاروا إلى أن ويلز فارجو قد أعاد 3.7 مليون دولار إضافية للعملاء ، كما أعلن المدير التنفيذي للبنك تيموثي سلوان ، الاعتذار الى كل المتضررين من ممارسات الموظفين غير القانونية ، ويشمل ذلك أيضا حسابات التجزئة.
الاجراءات التى قام بها البنك :-
وبعد ذلك تم التوصل الى تسوية وافق عليها بنك ويلز فارجو ، وتتضمن تلك التسوية التى عقدها البنك مع المكتب المالي الأميركي لحماية المستهلك مبالغ قيمتها 3.7 مليار دولار ، وذلك بشأن الانتهاكات المرتبطة بالحسابات المصرفية والرهون العقارية وقروض السيارات للمستهلكين.
وتعتبر هذه التسوية هي واحدة من أكبر 6 تسويات لقضايا تلاعب في الأوراق المالية في الولايات المتحدة خلال العقد الماضي ، ولقد تم تصعيد قيمة التسوية من مليار دولار ، وذلك بسبب أن محامين المستثمرين ، قاموا بتقديم دعوى أمام أحد القضاة ، تفيد بإن الرئيس التنفيذي للبنك تيم سالون ومسؤولين آخرين قدموا بيانات مضللة أثناء شهادتهم أمام الكونجرس والمستثمرين ووسائل الإعلام.
وقال المستثمرون إن مسؤولي البنك قدموا سيناريو وردي للغاية بشأن تفاعلهم مع السلطات التنظيمية بما في ذلك عدم الإعلان عن رفض السلطات لخطط الإِصلاح الأولية التي قدموها ، وسوف تذهب حصيلة التسوية إلى المستثمرين الذين اشتروا أسهم ويلز فارجو.
كانت تلك الفضيحة عبارة عن سوء تصرف ، وعدم احترام القوانين من قبل موظفى البنك ، وان كان ذلك نتيجة الضغط الذي كانوا يتعرضون له من قبل مرؤوسيهم ، الى جانب وضع أرقام قياسية ، وأهداف مبيعات عالية من الصعب تحقيقها ، فلجأ بذلك الموظفون الى الاحتيال والتزوير ، خوفا من أن يفقدوا وظائفهم ، الا أنه وبالرغم من ذلك فلا يشفع ذلك الأمر الى ما قام به الموظفون ، فمهما كانت الظروف ليس هناك من مبرر للأخطاء ، حتى وان كنا على يقين تام ، بأن الخطأ كان في السياسة الظالمة التى فرضتها الادارة على موظفى البنك ، فعندما آتت العاصفة ، تنصل هؤلاء من أدوارهم ، وألقوا باللوم الى الموظفين .