فضائح سامسونج
في فضيحة من فضائح الشركات العملاقة ، تأتى شركة دخلت منتجاتها بيوتنا جميعا ، بمجموعة من الفضائح لتقلب الموازيين رأسا على عقب ، لتجد نفسها في مهب العاصفة التى كادت أن تطيح بها ، وتجد نفسها مطالبة ببذل العديد من الجهود والتضحيات ، حتى تتمكن من استعادة سمعتها ، وأن تقف على أرض صلبة من جديد ، وتلك المشار اليها هى سامسونج الرائدة في مجال التكنلوجيا والالكترونيات.
فلقد تورط العملاق التكنلوجى سامسونج في عدة فضائح واجهت الشركة على مدى تاريخها ، فكانت الفضيحة الاولى فضيحة سياسية تورطت فيها الرئيسة بارك جون هاى وصديقة لها ، فلقد كان مشتبه بها أنها استغلت نفوذها للتدخل في شئون الدولة .
وعلى اثر ذلك قام ممثلو الادعاء في كوريا الجنوبية بمداهمة مقر شركة سامسونج للاكترونيات ، وافصح مسؤوليين الاتدعاء ان التفتيش يتعلق بالفضيحة الخاصة بتشوى سون سيل.
فلقد اتُهمت تشوي باستغلال علاقاتها بالرئيسة بارك لممارسة نفوذها في شؤون الدولة وتسريب مستندات الرئاسة وتعيين كبار الموظفين الحكوميين وإجبار عدد من الشركات الكبرى على التبرع ، واستغلال تلك الاموال لاغراض شخصية .
وكانت النيابة قد أصدرت أمرا بالقبض على تشوي سون سيل للتحقيق معها ، بتهمة إساءة استخدام السلطة ومحاولة الغش والحصول على وثائق حكومية سرية والتدخل في شؤون الدولة.
وبالنسبة للدور الذي تلعبه سامسونج ف تلك القضية ، يندرج تحت مزاعم تفيد بأن سامسونج قد قامت بتقديم مساعدة مالية لابنه تشوى على نحو غير ملائم.
ولقد بدأ الامر من قيام الرئيسة بارك لمأدبة غداء تضم 17 من رؤساء الشركات الكبرى ، وطلبت منهم دعماً لتأسيس صندوق غير ربحي ، وتم انشاء صندوق كي- سبورتز الذي يعتبر أن تشوي المقربة من الرئيسة بارك تدخلت في تأسيسه واستخدمت أمواله لأغراض شخصية ، بالاستفادة من علاقتها مع الرئيسة بارك.
ولقد عصفت تلك الفضيحة برئاسة باك ، حيث أن فضيحة الفساد اجتاحت البرلمان ،
وتوجه مسؤولين الادعاء للتحقيق فى تلك المزاعم التى تفيد بان سامسونج قد دفعت 2.8 مليون يورو لشركة برئاسة المزعومة تشوى وابنتها ، والتى كانت عضوا في منتخب كوريا الجنوبية للفروسية .
كما تقول التقارير إن الرئيسة بارك اجتمعت في مكتبها مع رئيسي شركتي سامسونغ وهيونداي وحثتهما على التبرع لمؤسستين ثقافيتين كانت تستغلهما تشوي لإثراء نفسها.
ولقد تم استدعاء لى جاى يونغ رئيس مجموعة سامسونج من قبل مدعى خاص في كوريا الجنوبية ، ولقد تم استدعاءه بوصفه مشتبها به في فضيحة استغلال نفوذ تلك ، التى تتصل برئيسة البلاد باك جون هاي ، ويدير لي أكبر مجموعة شركات في كوريا الجنوبية منذ أصيب والده بأزمة قلبية ، مما أقعده عن العمل.
وما يدرسه الادعاء يرتبط باثبات ما اذا كان دعم سامسونج لشركة ومؤسسات تدعمها تشوي سون إيل صديقة باك مرتبطا بقرار صندوق لمعاشات التقاعد ، والتأييد لصفقة اندماج مثيرة للجدل بين مؤسستين تابعتين للمجموعة.
ولقد أقرت سامسونج بتقديم مساهمات لمؤسستين لهما صلة بتشوي ، وقام الادعاء باستدعاء اثنين من كبار المسؤولين في مجموعة سامسونج لاستجوابهما على الرغم من أنهما مصنفان كشاهدين ، وعندما مثل لي أمام جلسة للبرلمان ، نفى أن تكون الشركة دفعت رِشى لتمهيد الطريق لصفقة الاندماج.
وقال مكتب الادعاء الخاص بعد استجواب لى ، إنه سيقرر ما إن كان سيسعى لإصدار أمر باعتقاله ، كما انه لا يوجد هناك خطط لاستجوابه مجددا ، كما ان المتحدث باسم مكتب الادعاء صرح بأن لى نفى بعض الشبهات المثارة حوله لكنه أقر بالبعض.
ومن ثم مثل لى جان يونغ أمام محكمة كوريا الجنوبية ، التى قضت بالحكم عليه بالسجن لمدة عامين وستة أشهر ، في فضيحة الرشوة تلك ، ولقد صدر الحكم في إطار إعادة محاكمة لقضية سابقة تتعلق برئيسة البلاد السابقة بارك ، والتى سجنت أيضا بتهمة الرشوة والفساد.
ومن المحتمل أن يكون للحكم تبعات على مستقبل دوره في شركة التكنولوجيا العملاقة ، ولقدت أدت أخبار الحكم إلى انخفاض أسهم سامسونغ بأكثر من 4 في المئة قبل أن تبدأ في استعادة تعافيها جزئيا.
وكان ذلك بمثابة ضربة كبيرة وأزمة شديدة لشركة سامسونج ، مما أدى إلى تكهنات بأنه سيكون هناك تغيير في شركة سامسونج ، حيث قد يضطر ورثته إلى بيع بعض الأصول أو جزء من الأرباح لتغطية فاتورة الضريبة الضخمة على الميراث.
وجاء قرار المحكمة بالسجن بناءا على ما أقرته بأن لى قام بتقديم رشاوى بشكل نشط وطلب ضمنيا من الرئيسة استخدام سلطتها للمساعدة في خلافة سلسة لوالده على رأس شركة سامسونج .
واستنكرت المحكمة ، أن تكون الشركة الرائدة في البلاد والمبدع العالمي الفخور ، تكون ضالعة بشكل متكرر في جرائم كلما حدث تغيير في السلطة السياسية.
فأدانت المحكمة لي بتهمة الرشوة والاختلاس وإخفاء عوائد غير قانونية تبلغ قيمتها حوالي 8.6 مليار وون ، أي ما يعادل 7.8 مليون دولار .
ولقد كانت سامسونج قبل تلك الفضيحة ، في أوج فضيحة أخرى ، كفيلة أن تجعل سُمعة أنجح الشركات في الحضيض ، وقد نشبت تلك الفضيحة مع إصدار جالكسي نوت 7 ، فبعد سلسلة من التقييمات الجيدة للهاتف والاستقبال الحافل له سواء من المستخدمين أو المتخصصين بالتقنية ، برزت عدّة تقارير تُشير إلى انفجار الهاتف بشكل مفاجئ بسبب عُطل في البطارية.
وبعدما قامت الشركة الكورية بالعديد من التحقيقات ، وقامت بفحص 200 ألف جهاز و30 ألف بطارية ، خلصت الى أن السبب الرئيسي في انفجار البطارية بشكل مفاجيء ، يرجع الى عيب في صناعة الخلايا يسبب ارتفاع هائل في درجة الحرارة فبالتالي يبسبب انفجار البطارية واحتراقها ، بالاضافى الى سبب أخر يتمثل في خلل في تصميم البطارية .
وبعد طرح الجهاز في الأسواق ، ظهر أول تقرير عن حادثة انفجار للجهاز في كوريا الجنوبية ، ثم بدأت تتوالى التقارير عن احتراق البطاريات ، الأمر الذي دفع الشركة ، إلى الإعلان عن تأجيل طرح شحنات جديدة من الجهاز بهدف إخضاعها لمزيد من الفحوص والاختبارات.
وأوقفت الشركة بيع الجهاز ، مؤكدة أن الخلل الذي تسبب باحتراق الأجهزة سببه البطارية ، وأشارت إلى أنه سيتم استبدال الأجهزة التالفة ، ثم أعلنت الشركة عن استئناف طرح الجهاز الجديد في كوريا الجنوبية ، لكن التقارير عادت لتتحدث عن تكرار المشكلات نفسها في الأجهزة الجديدة من “نوت 7”.
فاضطرت سامسونج الى الاعلان عن وقف إنتاج جالاكسي نوت 7 بسبب مخاوف تتعلق بسلامة المستهلكين ، وبدأت عملية استدعاء جديدة للمنتج ، ثم أعلنت الشركة رسميا عن وقف إنتاج الجهاز.
وبعد ذلك اعلنت الشركة عن أنها قامت بسحب 3 ملايين جهاز من الأسواق ، وأنها استعادت ما نسبته 96 في المئة من الأجهزة التي تم بيعها ، وتشير التقارير الصحفية الى أن سامسونج خسرت نحو 26 مليار دولار من قيمتها السوقية بعد الإعلان عن سحب منتجها من الأسواق ، كما انخفض سهمها في أسواق المال بحدود 6.9 في المئة ، بينما قالت الشركة إن تكلفة إيقاف إنتاج جالاكسي نوت 7 ستصل إلى 3 مليارات دولار.
خاتمة :-
وتعتبر الفضائح التى مرت بها عملاق التكنلوجيا في كوريا الجنوبية ، من العوامل التى كادت أن تعصف بالشركة ، وتقضى عليها في مجال الالكترونيات ، وعلى حد ما ذكرناه فنجد ان سامسونج ظلت تخرج من أزمة وضائقة لتدخل في أخرى ، وكانت نتيجة شهرتها وصيتها الواسع ، أن نالت تلك الشهرة نصيبها من الفضائح ، وكأنما تدفع سامسونج الضريبة عنوة.