الى أين تتجه أزمة الديون في افريقيا ؟
في قارة أفريقيا، تواجه دولة زامبيا أزمة اقتصادية خانقة بسبب أزمة تراكم الديون، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على النمو الاقتصادي للبلاد. رغم المحاولات التي قامت بها الحكومة لإعادة هيكلة ديونها، يُتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي لعام 2023، مما يزيد من التحديات التي تواجهها للخروج من أزمتها.
تعاني زامبيا من إعاقات عديدة تؤثر في التطور الاقتصادي للبلاد، حيث تشمل هذه الإعاقات التضخم المرتفع وتباطؤ النمو الاقتصادي، وهو ما يؤثر سلبًا على مستوى الحياة للمواطنين ويؤدي إلى زيادة الفقر والبطالة. كما ترتفع تكلفة خدمة الديون والفوائد المستحقة، ما يعني أن الحكومة تضطر لإلغاء العديد من المشاريع التنموية المهمة، مما يعيق تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
بيانات رسمية أظهرت أن معدل النمو الاقتصادي في زامبيا سيرتفع بنسبة 2.7% في عام 2023، وهو أقل بكثير من المعدل الذي سُجل في العام السابق والذي بلغ 4.7%. وتُعزى هذه الظروف الصعبة إلى انكماش قطاعات الطاقة والتعدين والزراعة، والتي تعتبر أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد. ومن جهة أخرى، تعاني زامبيا من انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يُسهم في إبطاء وتيرة التنمية والنمو الاقتصادي.
وفي ظل هذه الأزمة الاقتصادية، انتقد الرئيس الكيني وليام روتو أنظمة التمويل العالمية ودورها في تفاقم أزمة الديون في القارة الأفريقية. وشدد على ضرورة إنشاء صندوق تمويل أفريقي ذاتي يسهم في تحقيق أجندات التنمية للدول الأفريقية، ويساهم في التخلص من أعباء الديون وتوفير التمويل اللازم للمشاريع التنموية الحيوية.
كان الرئيس الكيني قد ألقى كلمته في الجلسة الافتتاحية لفعاليات المؤتمر التنسيقي للاتحاد الأفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية. وطالب بضرورة إنشاء “نظام مالي عادل” للقارة الأفريقية يُساهم في توفير تمويل إضافي ومستدام للدول الأفريقية بدلاً من تكبد أعباء الديون الباهظة.
وتشير الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من نصف سكان العالم يعيشون في بلدان يتم فيها إنفاق ميزانياتها الحكومية على خدمة الديون بنسبة أكبر من التعليم والرعاية الصحية. ويُحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من “كارثة تنموية” قد تحدث بسبب الأزمة الديونية في البلدان الأفقر.
يُطالب الرئيس الكيني وليام روتو بتدشين “صندوق تمويل أفريقي” ذاتي يمكّن الدول الأفريقية من تحقيق أهدافها التنموية وتوفير التمويل الذي تحتاجه للمشاريع التنموية. ويعتبر هذا الصندوق أحد الحلول التي يمكنها مساعدة الدول الأفريقية على تجاوز أزمة الديون وتحقيق التنمية المستدامة.
وتتوقع تقارير البنك الدولي أن يستمر تراجع معدلات النمو الاقتصادي في دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يتراوح معدل النمو المتوقع في المنطقة بين 3.0% و 3.4% لعام 2023. ويُتوقع أن تتجاوز تكلفة الاقتراض وخدمة الديون تمويل الاستثمارات الأساسية، مما يزيد من صعوبة تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
تنوه التقارير أيضًا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتخفيض التضخم وتعزيز تجاوب الاقتصادات الأفريقية مع التحديات الاقتصادية الراهنة. ويمكن أن يكون ذلك عبر زيادة التركيز على الاستثمارات الإنتاجية وتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز القطاعات الاقتصادية الحيوية، مما يعزز التنمية المستدامة ويساهم في تحسين حياة الناس.
في النهاية، تبقى أزمة الديون وتباطؤ النمو الاقتصادي تحديات هامة تواجه دول أفريقيا جنوب الصحراء. يتطلب حل هذه المشكلة التعاون الدولي وتبني سياسات مالية واقتصادية عادلة ومتوازنة تُحقق التنمية المستدامة وتحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشعوب في هذه الدول.